يتواصل التركيز الأمريكي على الجوانب الاقتصادية في العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية، بعيدا عن المسائل السياسية، وهو ما يعرف في الأدبيات السياسية الإسرائيلية بـ"السلام الاقتصادي".
في الوقت ذاته، تبدو الإدارة الأمريكية منخرطة بشكل كامل في هذه العلاقات، من خلال تخصيصها ملايين الدولارات لتنفيذ جملة من المشاريع الاقتصادية المشتركة الفلسطينية-الإسرائيلية، وتشجيع التجارة المتبادلة، وقد تم الإعلان في الساعات الأخيرة عن أول المشاريع التي تم إطلاقها بمبلغ 5.5 مليون دولار، مخصصة للأعمال التجارية والصغيرة، ومجال المشاركة مفتوح أمام جميع أنواع الشركات.
تال شنايدر الكاتبة في موقع زمن إسرائيل، ذكرت في تقرير أن "المنظمات التجارية الإسرائيلية والفلسطينية ستتلقى ملايين الدولارات من أموال المساعدات من الولايات المتحدة، لصالح المشاريع التجارية الفلسطينية والإسرائيلية الخاصة، كجزء من مشروع أمريكي جديد لتشجيع التجارة المتبادلة بين الطرفين.
وأعلنت منظمة المعونة الأمريكية USAID أن "هوية المنظمات والشركات التجارية التي ستتلقى هذه المساعدات ستبقى سرية، على الأقل في المرحلة الأولى".
وأضافت شنايدر أنه "تم تخصيص ملايين الدولارات من صندوق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بقيمة 250 مليون دولار، إلى القطاعين الخاصين الفلسطيني والإسرائيلي، مع العلم أن بايدن استأنف دعم منظمة USAID للفلسطينيين في نيسان/ أبريل 2021، بعد أن تم تجميد مساعداتها خلال حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب، وتشمل مساعداتها تنفيذ رزمة من المشاريع التجارية، وهذا مبلغ صغير نسبيًا في المرحلة الأولى، لكن الهدف بالنسبة للأمريكيين هو إحداث التغيير بين الجانبين من خلال سياسة People to People".
ولفتت إلى أن "إيزابيل كالمان مساعدة رئيس منظمة USAID وصلت إلى القدس المحتلة، والتقت بعدد من المراسلين الصحفيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأعلنت عن تخصيص مشروع المنحة الأول وقيمته 3.3 مليون دولار على مدى أربع سنوات مقدمة لأغراض دعم وتدريب سيدات الأعمال، وسيركز على برامج التوجيه والتمويل الأولي للمشاريع الافتتاحية والتدريب المتنوع لسيدات الأعمال، أما المشروع الثاني، وقيمته 2.2 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، فسيدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتعزيز تعاون الفلسطينيين والإسرائيليين عبر الحدود، وستعمل مؤسسة MEPPA مع شركات تجارية فلسطينية وإسرائيلية".
والغريب أن هذه المشاريع التجارية الإسرائيلية-الفلسطينية تجري بدعم أمريكي كامل وسط تعثر المفاوضات السياسية، ما قد يعني أن واشنطن قررت القفز عن المسار السياسي، والاكتفاء بالعمليات التجارية والاقتصادية، أو ما يسميه الأمريكيون استخدام الاقتصاد كوسيلة لبناء العلاقات والثقة بين الجانبين، مع العلم أن أسماء الشركات المنخرطة في هذه المشاريع ستبقى سرية لبعض الوقت من أجل إتاحة الفرص في العمل المشترك بعيدا عن ضغط الرأي العام الفلسطيني الذي سيرفض مثل هذه الشراكات الاقتصادية مع الاحتلال.
يذكر أن مؤسسة MEPPA يترأس قائمة مستشاريها جورج سالم، وهو محامٍ فلسطيني أمريكي شغل مناصب رئيسية في إدارة الرئيسين الجمهوريين السابقين رونالد ريغان وجورج بوش، والحملة الانتخابية للمرشح ميت رومني.
ويضم المجلس الاستشاري خبراء آخرين من جميع جوانب الخريطة السياسية الأمريكية، وتم إنشاء المؤسسة لتعزيز التعايش بين الشعوب، والحفاظ على هدف حل الدولتين، وتخصيص أموال دافعي الضرائب الأمريكيين للشركات المحلية لبناء الثقة في المنطقة.