ماذا يعني أن تتلف بلدية غزة (٦) أطنان من المشروبات الغازية الفاسدة ضمن حملة لمراقبة الأسواق؟! وماذا يعني أن تخصص البلدية وردية تفتيش مسائية على الأطعمة الفاسدة في شهر رمضان ؟! إن الإجابة عن ما تقدم (بحسب ما نشرته بلدية غزة من معلومات) تكمن في رسائل عديدة. الرسالة الأولى: تقول إنه حين تعلن البلدية عن نجاحها في إتلاف (٦) أطنان مشروبات غازية؟!، فإن هذا يعني أن مثل هذه الكمية، أو ضعفها شقت طريقها بنجاح إلى بيوت المواطنين وأجسادهم؟! . وليس في هذا القول تهويل أو تضخيم، بل هو الحقيقة والاحتمال. والعادة تقول ذلك. إذًا تمضي فترة من البيع والشراء بما فسد من المطعومات والمشروبات قبل أن تصل المعلومات للبلدية ودائرة التفتيش والمتابعة وتقوم بواجباتها. إن ما قامت وتقوم به بلدية غزة من واجبات تستحق منا ومن المواطنين الشكر والتقدير، فإن ما لا يدرك كله ، لا يترك جله. الرسالة الثانية: وهي رسالة مثيرة لأنها تتحدث عن مشروبات غازية فاسدة، لا عن أطعمة فاسدة، وليس من عادة المواطنين النظر في تاريخ انتهاء صلاحية شرب المياه الغازية. قلة قليلة من المواطنين يشُكّون عادة في المشروبات الغازية، لذا هم لا يسألون عن ذلك، وغالبا ما يغطي الثلج على الطعم الفاسد أو المتغير، بينما ينظر المواطنون عادة في المواد الغذائية كالألبان، والمعلبات. الرسالة الثالثة: تقول إن وصول الفساد إلى المشروبات، وبهذه الكمية، يدل على أن ظاهرة التجارة فيما فسد من شراب وطعام باتت ظاهرة كبيرة في غزة، وباتت مصدر قلق للمواطنين، ومصدر ضرر للصحة العامة، ومن ثم فإن عملية الإتلاف لا تكفي مع من يقع في هذه الجريمة بشكل متكرر ومتعمد، لذا يلزم البلدية ووزارة الاقتصاد القيام بأمرين؛ الأول تفعيل أعمال الرقابة وتكثيفها في شهر رمضان كما تعتزم بلدية غزة مشكورة فعله، وفي غير رمضان أيضا، والثاني تفعيل العقوبات الإضافية أو تعديلها بما يحقق عملية الردع الذاتي بالقانون، وقديما قالوا: الوقاية خير من العلاج. غزة تحت الحصار بيئة صالحة للتجارة بالأطعمة الفاسدة، وبالمشروبات الفاسدة أيضا، لأنها تقع تحت حصار مشدد، تقل في ظله البدائل، والمنافسة، وجلّ الموظفين في الوظيفة العمومية مسكونون بالإحباط لعدم تلقيهم رواتبهم الشهرية، لذا تقلّ عند بعضهم نسبة الإنتاجية، وتتراجع عند بعضهم الغيرة على العمل. قبل أيام قرأنا عن الخبز المسرطن بسبب استخدام المخابز للمياه المالحة في عجن الدقيق، وقرأنا عن الخضروات المسرطنة بفعل المبالغة في رشها بالمواد الكيماوية، وقرأنا عن الغش في بيع اللحوم، وعن شاورما بدجاج نافق، وفرّ المواطنون إلى الأسماك على قاعدة أنها لا تغش، ولا ترش بمواد كيماوية بنسب عالية، ولكننا فجأة نكتشف أن الغش لحق الأسماك أيضا، فقد حدثني من أثق بحديثه، أن بعض بائعي السمك، يشترون سمك (الدنيس) وغيره من المزارع، ويغمسونها بمياه البحر، ويرشون عليها بعض رماله، ويُقْسمون بالله للمشتري إن "هذا السمك طالع من البحر قبل قليل"؟! طبعا هو صادق في قوله، ولكنه مستغل ومضلل في فعله، والإثم راكبه. صحة المواطن باتت تتهددها أخطار كثيرة، فهو محاصر في طعامه، وفي شرابه، وحتى في هوائه. مياه آباره ملوثة لا تصلح لحياة، وجزء كبير من شاطئ بحره ملوث وناقل للأمراض. وإذا زرت المشافي سمعت العجب العجاب. لذا أقول إن المواطن بات أمانة في ذمة البلديات، ووزارة الاقتصاد، والعاملين في مجال حماية صحة المواطنين أينما كانوا. لذا أرجوكم ساعدوا أنفسكم وأبناءكم على حياة بلا غش ولا مرض ، ولا مشروبات غازية فاسدة، ما أمكن، البلد بلغة المواطن العادي "لم تعد تحتمل"؟!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.