الكويت الدولة الخليجية الصغيرة الواقعة على الخليج العربي جنوب دولة العراق تعتبر الدولة العربية الخليجية الأولى التي مارس نظامها الحاكم وشعبها اللعبة الديمقراطية عبر الانتخابات البرلمانية بشكل حر ونزيهة عبر انتخاب مجلس الأمة الكويتي والذي مارس حقه في منح الحكومات المتعاقبة الثقة أو حجب هذه الثقة عنها ومساءلة أعضاء هذه الحكومة ورئيسها. ومن وجهة نظري أن الديمقراطية الكويتية عرجاء وعرجها قادم من جهة النظام الأميري الذي يصر على أن يكون رئيس الحكومة الكويتية من الأسرة الحاكمة، وفي نفس الوقت أنا لا اعتبر أن ذلك عيبا طالما أنه يتوافق مع القانون الذي ارتضاه الجميع شرط أن يًمثل رئيس الحكومة وإن كان من الأسرة الحاكمة أمام مجلس الأمة للمساءلة وإلا تصبح الانتخابات والديمقراطية في الكويت بلا معنى ولا قيمة. وقضية مثول رئيس الحكومة أبن العائلة الحاكمة في الكويت أمام مجلس الأمة البرلمان المنتخب الذي من مهامه المراقبة والمساءلة للجهات التنفيذية في دولة الكويت والتي تمثلها الحكومة برئيسها وأركانها من الوزراء واحدة من أهم الأعمال التي يقوم بها مجلس الأمة وعندما يرفض رئيس الحكومة المثول أمام مجلس الأمة كونه ابن الأسرة الحاكمة تحدث المشكلة ويتدخل الأمير وكل ما يقوم به هو حل مجلس الأمة وإعادة الانتخابات وتشكيل مجلس جديد. تكررت هذه الحالة في السنوات الست الأخيرة أربعة مرات؛ ولكن لم تحل المشكلة، والمجلس الجديد الذي تم انتخابه سيصطدم بنفس العقبة وقد يطلب من رئيس الحكومة المثول للمساءلة لو كان هناك ضرورة لذلك وسيرفض وهكذا دوليك. من يرضى الخيار الديمقراطي عليه أن يلتزم بشروطه، ومن شروطه أن يمارس البرلمان حقه بالكامل وعلى المؤسسة التنفيذية أن تنصاع لهذه الديمقراطية وأدواتها المنتخبة والمثول أمام المجلس الذي اختاره الشعب للمحاسبة، ولو تطلب الأمر أن يطلب مجلس الأمة أن يقف الأمير أمامه للمساءلة ، وأن كنت على يقين أن هذا لن يحدث؛ ولكن على الأقل أن يمثل رئيس الحكومة إذا طلب المجلس ذلك. إذا بقي الأمر على ما هو عليه لن يستقر البرلمان الكويتي ( مجلس الأمة ) ولن يستمر في عمله دورة كاملة وستبقى العقبة على حالها والحل لدى الأسرة الحاكمة هو حل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة هكذا مع كل تصادم بين مجلس الأمة والأسرة الحاكمة عبر رئيس الحكومة. الحل نعتقد يكمن في أن يقر النظام الحاكم في دولة الكويت بأن رئيس الحكومة وإن كان من الأسرة الحاكمة أن وجوده على رأس أعلى مؤسسة تنفيذية وهي الحكومة يجرده من كونه ابن للأسرة الحاكمة وتوليه هذا المنصب يجعله تحت القانون لا فوق القانون وعليه المثول أمام البرلمان ( مجلس الأمة ) المنتخب للمساءلة كلما استدعت الضرورة لذلك. والحل الثاني أن يتم اختيار رئيسا للحكومة الكويتية من الشخصيات العامة وليس من الأسرة الحاكمة كما يجري الآن طالما أن القانون أو الدستور الكويتي يحول دون مساءلة ابن الأسرة الحاكمة أو المالكة؛ وإلا سيصبح الأمر في الكويت مشابهة لما يجري في ايطاليا حيث لا يستقر برلمان أو حكومة أكثر من عام بقليل، وهذا الأمر يفرغ الديمقراطية من مضمونها وتصبح لعبة الكراسي هي السائدة وهذا يعني أننا إمام ديمقراطية بلهاء عرجاء بل كسحاء. من ارتضى لنفسه أن يمارس حكما ديمقراطيا عليه أن يرتضي بشروط هذا الحكم وأن يلعب الديمقراطية بطريقة صحيحة؛ وإلا تصبح الديمقراطية شكلية ولا قيمة لها وينظر إليها على أنها نوع من التلهية والتسلية للمواطن والنظام الحاكم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.