إنجاح المصالحة الفلسطينية مسألة تحظى بإجماع فلسطيني وعربي وإسلامي. لكن الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) وبعض حلفائهما الغربيين يعترضون طريق المصالحة بالشروط الاستباقية والتعجيزية. ولا سبيل لإنجاح المصالحة دون إغضاب أمريكا وربيبتها (إسرائيل). غضب أمريكا يعني حرمان السلطة الفلسطينية من المنح والمساعدات التي تقدمها. ويعني وضع عراقيل أمام السلطة الفلسطينية؛ كمنع الانتخابات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، أو على أقل تقدير ملاحقة المرشحين واعتقالهم. للولايات المتحدة وحلفائها مصالح لدى الدول العربية. والساحة العربية اليوم تشهد حراكاً شعبياً مؤثراً في السياسات الرسمية. فهل تجرؤ السلطة الفلسطينية على قول "لا" لأمريكا، وتمضي في طريق المصالحة حتى النهاية؟ وهل تجرؤ الدول العربية - ولاسيما دول منظمة أوابك (الكويت والسعودية وليبيا والجزائر والبحرين وقطر والإمارات والعراق وسوريا ومصر وتونس) وسبعة من هذه الدول هم أعضاء في منظمة أوبك – على دعم الموقف الفلسطيني لإنجاح المصالحة التي طالما أوصوا الفلسطينيين بها وحثوهم عليها، وربطوا مساعداتهم بها؟ وقد يأخذ هذا الدعم منحى أكثر تأثيراً على المواقف الدولية عندما تقرر رفع أسعار البترول دولاراً واحداً على البرميل لصالح تمويل السلطة الفلسطينية، ودعم مشاريع التنمية فيها لتمكينها من إعلان الدولة في أسرع وقت. وهذا يعني حصول الفلسطينيين على (21.629.000 $ يومياً) أي حوالي سبعة مليارات وتسعمائة مليون دولار سنوياً، أي أكثر من 15 ضعفاً مما تقدمه الولايات المتحدة وحلفائها للسلطة الفلسطينية. وكما نلاحظ فإن عدداً من دول أوابك هي من دول الربيع العربي؛ كمصر وليبيا وتونس، وتلحق بها ضمناً كلاً من قطر والكويت والجزائر، الأمر الذي يعزز فرص نجاح الفكرة. وإذا أضفنا إليها عدداً من دول منظمة أوبك مثل إيران وفنزويلا المعاديتان لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الفكرة تصبح قابلة للتنفيذ، وتزيد من قيمة المبلغ المذكور أعلاه بحوالي مليارين وثلاثة أرباع مليار سنوياً، ليصبح ما يمكن للسلطة تحصيله بهذه الطريقة أكثر من عشرة مليارات دولار سنوياً، الأمر الذي يبني دولة فلسطينية قوية هي ليست بحاجة لتعترف (بإسرائيل) ولا لأن تعترف هذه بها، وما على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية سوى أن تتقدم بطلب رسمي لهاتين المنظمتين لدعم استقلالها وإنجاح المصالحة الفلسطينية بزيادة دولار واحد على البرميل لصالحها. إن الدبلوماسية الفلسطينية التي استيقظت فجأة في موضوع إعلان الدولة الفلسطينية، عليها أن تعمل بفاعلية متناهية للبحث عن بدائل للمال الأمريكي الذي يبتز المواقف بعيداً عن الأهداف الوطنية. فهل تجرؤ منظمة التحرير الفلسطينية، أو هي يقظة بما يكفي لخوض نضال دبلوماسي على الساحة الدولية لإنجاح المصالحة الفلسطينية وللضغط على أمريكا وحلفائها بكف أيديهم عن شعب فلسطين وقضيتها ودولتها الموعودة، والحصول على تمويل كافٍ من الدول العربية؟ هل منظمة التحرير جادة في الرغبة بتحصين النفس من الابتزاز الغربي، والتوجه نحو الربيع العربي لدعم مواقفها، والاستفادة من علاقات حركة حماس مع بعض الأنظمة الثورية الجديدة في الربيع العربي ونفوذها المتنامي على الساحتين العربية والإسلامية؟ أم ستحول دون ذلك مواقف أيديولوجية رجعية من العهود البائدة، تستعدي الإسلاميين والعرب، وتتقرب من أعدائنا على حساب حقوقنا وتطلعاتنا الوطنية والقومية؟
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.