23.31°القدس
22.84°رام الله
22.19°الخليل
25.61°غزة
23.31° القدس
رام الله22.84°
الخليل22.19°
غزة25.61°
الأربعاء 24 ابريل 2024
4.67جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.78

تقرير: العيد يفتح نار الحنين لأم الزينات والكفرين!!‎

BetShe\'an_-_panorama_of_mountains_in_Jordan_with_Tell_El-Husn
BetShe\'an_-_panorama_of_mountains_in_Jordan_with_Tell_El-Husn
نابلس - فلسطين الآن

فتحت مواسم الأعياد الوشيكة نار الحنين للقرى المدمرة على مصراعيها، وأعادت فاطمة مصطفى صبح وأحمد عبد الله دغمان رسم تفاصيل "الأضحى" خلال طفولتهما في أم الزينات والكفرين بجوار حيفا. 

وروت صبح ما التصق بذاكرتها من قصص أمها آمنة ذيب، وما شاهدته خلال طفولتها في أم الزينات، حين كانت أجواء الفرح واللعب والتكافل الاجتماعي تتجلى في العيدين بقوة، وتعلق بها مظاهر وتكافل وطعام.

كعك أم الزينات

تقول: كانت رائحة الكعك والفطير تفوح من بيوت أم الزينات كلها، وكانت الأمهات والصبايا يعملن لوقت طويل قبل حلول العيد في صناعة الحلوى، وتحضير العجين، ونقله إلى الطابون، ورش السمسم والقزحة (حبة البركة) عليه، وتجهيزه في أوانٍ من القش. ثم تقدمه للضيوف بجوار القهوة المرة، والملبّس الذي كان يسمى (بيض الحمام).

كانت الفتيات ممن هن في جيل صبح ينفقن وقتًا طويلاً في اللعب، فيجهزن بمساعدة الأمهات ألعاب العيد من بقايا الأقمشة غيرة المستعملة، ثم يذهبن للبساتين المجاورة للهو على (المراجيح) محلية الصنع، التي تتشكل من ربط الحبال بين شجرتين كثيفتين بالظل.

تضيف: "كنا نصنع القلائد من الملاّت التي نحصل عليها من الأقارب ( قطع نقدية مثقوبة من الوسط، وهي الأصغر في الجنيه) ونلبسها، ونشتري الحلوى والقضامة والأساور. ولم نكن نجمع غير 5 قروش، أما الأولاد فكانوا يفرحون كثيراً بالتكبير ليلة العيد مع  الشيخ الملقب (أبو حنا)، وكانت أمي وأبي  يذهبان إلى حيفا لشراء القماش قبل العيد بوقت طويل، ثم نذهب للخيّاطة في القرية. وكنا نتسابق للبس كعك العيد الدائري في أيدينا، مثل الأساور".

والأكثر حنيناً للراوية صبح، أنها كانت تتسابق وصديقاتها على الاستيقاظ المبكر صبيحة يوم العيد، لارتداء الملابس والأحذية الجديدة، والتي كنا يضعنها تحت مخداتهن، ويحلمن طوال الليل بها. وبعد وقت قصير، يشاهدن الأضاحي، فقد كان الجميع يحرص على نحر الأغنام في بيته، حتى لو كان فقيرًا.

اختلف حال أعياد صبح الحالية عن سابقاتها، فالمخيم كما تقول ليس بمكان مماثل لأم الزينات، كما أنا القلوب والنفوس تغّيرت، ولم يعد هناك طعم مماثل لا للكعك ولا اللحم؛ لأن مرارة النكبة  تطغى على كل شيء.

ألعاب شعبية

فيما يقول أحمد دُغمان: كان آخر عيد لي في الكفرين وأنا ابن (12) سنة، وقتها كنت أشاهد الكثير من العادات والمظاهر التي لم تكن تتكرر إلا في العيد. ففي الليل، كانت العائلات تجتمع وتتسامر بعد التكبير في المسجد، ثم يجمع الأهالي ثمن الأضاحي لغير المقتدرين. وفي الصباح يخرج الرجال للصلاة، وتذهب النساء لزيارة القبور، فيوزعن الحلوى وبعضهن النقود، لمن يقرأ القرآن على روح الأموات.

ووفق الراوي، فقد كانت "العيدية" تتراوح بين 5 و10 قروش ( كل 10 ملات تساوي قرشًا)، وكان ثمن الأضحية لا يتعدى الجنيه ونصف الجنيه، وكان الصغار يطيرون من الفرح، ويبحثون عن ألعابهم الشعبية كــ"الدوش" أو (الحجلة)، و"الطمامية"، و"نطاطة الشبرين"، فيما تذهب البنات إلى المراجيح المصنوعة من الحبال المربوطة بالأشجار.

تخزين الأضاحي

 غالبًا ما كانت أمي مسعدة وسائر النساء والجارات يطبخن الذبيحة بأكملها في يوم العيد الأول بتقليد اسمه (التطنيج)؛ لغياب الثلاجات، فيضعن اللحم على النار في أوعية نحاسية، ويجعلنه يفقد الدم الموجود فيه، ويضفن له البهارات والتوابل، ويضعنه في أوعية زجاجية (مرطبانات)، ويبقى دون تلف عدة أشهر. وبعد الانتهاء من الأضاحي تتفرغ النساء لصنع البحتة ( الأرز بالحليب)؛ لأن الأطفال لا يغرمون باللحم ويفتشون عن الحلوى.  يبتسم ويقول: كنت أغافل أمي- رحمها الله- وأتناول اللحم المخزن على السدة، ولا زلت أذكره طعمه الطيب، وما كانت تفعليه حين تكتشف أمري.

وبحسب دغمان، الذي أبصر النور عام 1936، فإن أطفال الكفرين كانوا لا يذهبون لبحر حيفا البعيد عنهم قرابة ساعتين ونصف مشيًا على الأقدام، وكانوا يكتفون بالتوجه إلى عيون: الحنانة، والصلاح (نسبة لصلاح الحسن)، والحنّانة.

ووفق  الراوي، فإن الفارق الأكبر في أعياد ما قبل النكبة عن نظيراتها هذه الأيام، علاقات حسن الجوار المتينة، التي كانت  لا تفرق كثيرًا عن الأخوة، وعادة تبادل الطعام في العيد وغيره وحرص الأهالي على إدخال بهجة العيد لبيوت غير المقتدرين، وتوفير أضحية العيد لهم، فقد كانت الكفرين مشتهرة بما فيها من ماشية.

 كان الحجاج يغيبون عدة أشهر لحين العودة، وأذكر أننا حين استقبلنا خالتي حليمة أبو سريس، خرجنا لطريق أم الفحم البعيد عن قريتنا، وقد شاهدنا الحجاج وهم على قوافل الجمال، وصرنا نكبر نرحب بهم. وانتشرت عادة توصية الحجاج على الهدايا من الأقارب والجيران ودفع ثمنها قبل رحلة الحج الطويلة. وحصلنا من عمتي على قبعات، وشربنا ماء زمزم، وأكلنا من تمور المدينة المنورة، وأحضرت لنا عطوراً وبخورًا وسواكاَ، وجلبت معها الخواتم والأسوار للبنات.