16.6°القدس
16.29°رام الله
14.97°الخليل
19.41°غزة
16.6° القدس
رام الله16.29°
الخليل14.97°
غزة19.41°
السبت 27 ابريل 2024
4.79جنيه إسترليني
5.4دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.1يورو
3.83دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.79
دينار أردني5.4
جنيه مصري0.08
يورو4.1
دولار أمريكي3.83

خبر: سياسة التنفيع .. أساس فساد السلطة‎

F131118IR12
F131118IR12
رام الله - فلسطين الآن

يسود لدى غالبية المواطنين الفلسطيني اعتقاد كبير بوجود فساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، ولا يقتصر الفساد في مؤسسات السلطة على مسألةَ تجاوزات إدارية ومالية بحتة يرتكبها أفرادٌ غيرُ مسؤولين بدافع المصالح الشخصية، بل هو فساد مزمن متأصل في هيكل السلطة الأساسي في النظام السياسي الفلسطيني المتجذر في منظمة التحرير الفلسطينية مِن قَبل عملية أوسلو.  

ورغم كل ما يقال عن الجهودُ المبذولة لمكافحة الفساد في السنوات الأخيرة، التي تتسم بطابعها السطحي "الفني" الغالب، وركزت في مسائل من قبيل صياغة مدونات قواعد السلوك، وتحسين إجراءات التوظيف، ووضع تدابير وقائية للتعامل مع مخالفات محددة، إلا أن مثل هذه التدابير يترتب عليها نتائج عكسية لأنها تساهم بإعادة انتاج الفساد بأشكال جديدة أكثر حرفية٬ وأيضاً تؤدي إلى مواراة المسببات السياسية الجذرية للفساد.  

وحسب التقرير السنوي الذي أصدره أخيراً الائتلاف الفلسطيني من أجل المساءلة والنزاهة (أمان)، يعتقد نحو 85% من الفلسطينيين بوجود فساد في مؤسسات السلطة، وأن هذا الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية ونخبها السياسية هو سياق لنظامٌ متجدد".  

وقالت أمان في بيان وصل "فلسطين الآن" إن "العامل الأساسي في إعادة إنتاج فساد نظام الحكم الفلسطيني واستدامته هو نظام التنفيع القائم على الشبكات الزبائنية التي تحكم طبيعة العلاقات في مؤسسات وإدارات السلطة الفلسطينية، حيث يتجذر التنفيع في القيم الاجتماعية المتمثلة في القرابة والروابط الأسرية، التي أثرت إلى حد كبير على أنماط السياسة الحزبية القائمة".  

وتابعت "هذه الروابط الاجتماعية والسياسية غالباً ما تمنح النخبةَ الحاكمةَ أداةً استراتيجيةً للسيطرة على القواعد الشعبية وتوسيع شبكة مؤيديها من خلال إعادة توزيع الموارد العامة وذلك بهدف شراء الولاءات السياسية.

وهذا بدوره ساعد النخبة الحاكمة في المحافظة على الوضع الراهن والهيمنة على الأصول السياسية والاقتصادية".  

ولطالما كان التنفيع السمة المميزة للعلاقات الداخلية بين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبين المؤسسات الوطنية والمكونات السياسية.

فقد استخدمت الدائرة المقربة في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية شبكات أرباب المنفع-المتنفعين بانتظام لأغراض متعددة كبسط النفوذ على المكونات السياسية، إقصاء القوى السياسية الأخرى، وتنفيذ أجندتها السياسية من دون معارضة فاعلة.  

سياسة التنفيع  

وبعد توقيع اتفاقات أوسلو، ورثت السلطة الفلسطينية سياسة "التنفيع" وصارت الشبكات الزبائنية العمودَ الفقري لقاعدتها المؤسسية.  

وبدلاً من المضي في بناء المؤسسات على أساس الجدارة، أصبحت علاقة التنفيع سمةً مميزة للهيكل المؤسسي للسلطة الفلسطينية وأداةً قويةً للإقصاء والاستيعاب حيث ارتبط التنفيع بأسلوب الحكم المشخصن وغير الخاضع للمساءلة الذي انتهجه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات والقيادة السياسية الفلسطينية.

فالسلطةُ الفلسطينية تنتهج اسلوب كسب ولاءَ الجماهير بتوفير فرص الحصول على الموارد الاقتصادية إلى حدٍ كبير، وليس من خلال إقناعهم ببرامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.  

فالقطاع العام الضخم في السلطة الفلسطينية ظل أداةً حيوية لخلق التبعية واكتساب الولاءات. وقد ساهم ذلك في مأسسة الفساد في القطاع العام التابع للسلطة الذي يوظف حالياً ما يزيد على 165,000 موظف عمومي يعتمدون كلياً على الرواتب التي تكفلها المساعدات الدولية.  

ويستأثر قطاع الأمن بالنصيب الأكبر من الموظفين بنسبة 44% من مجموع العاملين في السلطة الفلسطينية، ويستحوذ على 30% إلى 35% من الميزانية السنوية لها، وهو بالتالي يفوق المخصص لقطاعات حيوية أخرى مثل التعليم (16%) والصحة (9%) والزراعة (1%). كما ساهم تعطل المجلس التشريعي الفلسطيني والغياب التام للرقابة التشريعية على الميزانية الحكومية في تحرير الرئاسة والسلطة التنفيذية من الضوابط والموازين المؤسسية والمساءلة العامة، الأمر الذي عزز سيطرة السلطة التنفيذية على الإنفاق العام.  

أقرباء الوزير وأصدقائه  

كما سعت السلطة الفلسطينية لاستيعاب العائلات الكبيرة لكسب ولائها، فأسست وزارة الحكم المحلي وضمَّنتها قسماً خاصاً معنياً بشؤون العشائر تحت منصب "المختار".

وبما أن قسماً كبيراً من المجتمع الفلسطيني قائمٌ على العلاقات الاجتماعية العشائرية والقبلية والعائلية، قامت السلطة الفلسطينية بتعيين ممثلين لعائلات كبيرة في مناصب في عقد التسعينيات وأصبحت تلك الوزارات لاحقاً تزخر بالموظفين من أقرباء الوزير وأصدقائه.

وبعد الإصلاحات التي شهدتها السنوات الأخيرة على صعيد بناء الدولة، قلَّ التوظيف على أساس الاعتبارات العائلية، غير أن بعض الوزراء استعاضوا عن ذلك وأحاطوا أنفسهم برفاق مقربين من خارج عائلاتهم.

نظام التنفيع استُخدم أيضاً لاحتواء المعارضة السياسية وتحييدها، فأُدمِجَ العديد من القادة السياسيين –مستقلين ويساريين وإسلاميين– في مشروع السلطة الفلسطينية الذي ادعوا رفضه في بادئ الأمر، حيث مُنحوا امتيازات وفرصةً لتولي مناصب مرموقة في القطاع العام مقابل ولائهم السياسي، بل إنّ مِن هؤلاء الذين جرى احتواؤهم مَن أمسى لاعباً رئيسياً في الحياة السياسية للسلطة الفلسطينية.  

استغلالُ المنصب الرسمي  

ويعد استغلالُ المنصب الرسمي لتحقيق مكاسبَ شخصية، وجها آخر من أوجه الفساد.

وتشمل الحالات التي تخرج إلى العلن الاستخدامَ غير المشروع للموارد العامة لأغراض شخصية، وإبرامَ صفقات غير قانونية بين القطاعين العام والخاص، وسرقة الممتلكات العامة.

وكانت هذه الممارسات تحدث بوتيرة منتظمة في التسعينيات، وأثرت سلباً في النظرة المحلية والدولية تجاه السلطة الفلسطينية، حيث وجدت أول عملية تدقيق ورقابة فلسطينية أجريت في 1997 أن قرابةَ 40% من ميزانية السلطة الفلسطينية قد أُسيء استعمالها.

وبحسب تقرير مؤسسة (أمان) لعام 2008، يتجلى استغلال المنصب العمومي بهدف اختلاس المال العام وإهداره في عملية تخصيص أراضي الدولة للأفراد أو الشركات. وكشف تقرير المنظمة ذاتها لعام 2011 عن استمرار هذا النهج.

كما أشار تقريرها الأخير إلى تقاضي بعض مسؤولي القطاع العام راتباً شهرياً يفوق 10,000 دولار، بالإضافة إلى امتيازات أخرى، وعلى النقيض من ذلك، يتقاضى ثلثا موظفي القطاع العام ما بين 515 و640 دولار شهرياً.