18.9°القدس
18.72°رام الله
17.75°الخليل
23.94°غزة
18.9° القدس
رام الله18.72°
الخليل17.75°
غزة23.94°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: من علامات الساعة

5
5
فهمي هويدي

في بريطانيا يتعرفون على شخصيات المرشحين للوظائف من خلال المواقع الإلكترونية، فيتابعون أفكارهم وآراءهم ويحصون عليهم أخطاءهم اللغوية والإملائية. وهو ما ييسر على المعنيين بالأمر التحقق من ميولهم واتجاهاتهم ومستواهم الثقافي والمعرفي. وهى عوامل تؤخذ في الاعتبار عند صدور قرارات التعيين لمختلف الوظائف. هذا ما كشف عنه تقرير أعدته شركة «رجوب فايت» للتوظيف في العاصمة البريطانية، ونشرت جريدة «الشرق الأوسط» خلاصة له تضمنت المعلومات التالية:
< «أكثر من 90٪ من أرباب العمل يزورون حسابات المتقدمين لشغل الوظائف على «فيسبوك» و«تويتر» قبل استدعائهم لاجتماع أو مقابلة.
< واحد من أصل خمسة من الفسابكة (الذين يستخدمون الفيس بوك) ينشرون صورا لهم مباشرة بعد التقاطها في مختلف المناسبات، كما ينشرون معلومات خاصة بهم تشير إلى شخصيتهم وتوجهاتهم الاجتماعية والسياسية وغيرها.
< أكثر من ستين في المائة من المتقدمين لشغل الوظائف يخسرون فرص توظيفهم بسبب ما ينشرون من معلومات على صفحاتهم الخاصة.
< كثيرون من مستخدمي فيسبوك وتويتر ينشرون مقاطع فيديو أو صورا دون إعارتها أي تفكير، مما يؤدى في بعض الأحيان إلى وضعهم في مواقف محرجة قد تكلفهم مستقبلهم المهني.
< لا ينتهي الأمر بفحص الصور التي ينشرها الباحث عن وظيفة على موقعه، إنما أيضا يتحرى رئيس العمل مستوى كتابة المرشح للوظيفة، وعدد الأخطاء اللغوية والإملائية التي يقع فيها حين يكتب منشوراته، ذلك بالإضافة إلى ما يسجله من أشياء أخرى مشينة.
< على الرغم من إمكانية التحكم في خصوصية استخدام فيسبوك فإن ربع المنتسبين لم ينتبهوا للأمر، ولم يتمكنوا من تحديد الأشخاص الذين باستطاعتهم تعقبهم والاطلاع على ما ينشرون على صفحاتهم الخاصة.
< نصحت الشركة الباحثين عن عمل بأن يضعوا في اعتبارهم أن جميع مديري العمل يزورون المواقع الإلكترونية لفحص حسابات المتقدمين للوظائف أو للبحث عن مرشحين أيضا يكونون مناسبين للوظيفة. كما أن المختصين في ذلك المجال ينبهون إلى أهمية ما يتم نشره على الإنترنت، لأنه يبقى إلى الأبد، كما أنه يعطى فكرة واضحة عن الحياة الشخصية لصاحب الحساب في الحاضر والمهنية في المستقبل.
من المصادفات أن الصحيفة اللندنية نشرت خلاصة التقرير البريطاني يوم 16 سبتمبر الحالي، أثناء تشكيل الوزارة المصرية الجديدة التي حلفت اليمين أمام رئيس الجمهورية بعد ثلاثة أيام (في 19 سبتمبر). وحين نشرت المواقع الإلكترونية تعليقات وزير التعليم العالي التي دونها على صفحته بما تضمنته من أفكار هابطة وأخطاء لغوية وإملائية مشينة، فإن الذي كشف الأمر كان بعض الفضوليين والحشريين من خبثاء المصريين الذين يتابعون أنشطة وممارسات «الفسابكة» ومدوناتهم على صفحاتهم.
لا أعرف ما إذا كانت الجهات التي تجمع المعلومات عن المرشحين للوزارة قد اطلعت على كتابة من رشح لشغل حقيبة التربية والتعليم أم لا، إلا أن الأمر في هذه الحالة لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما، الأول ألا تكون قد اهتمت بكتابات الرجل، الأمر الذي يعنى أنها بذلك تكون قد قصرت في عملها، وهو ما استبعده لأن أجهزة الرصد والمتابعة تعد من أنشطة الجهات خصوصا في الظروف الأمنية السائدة في مصر. الاحتمال الثاني الذي أرجحه أن تكون تلك الجهات قد اطلعت على كتابات صاحبنا ولم تكترث بها، لأنها ركزت على جوانب أخرى تتعلق بالولاء والاتجاه السياسي إضافة إلى الذمة المالية وربما السمعة الأخلاقية إلى جانب المؤهلات العلمية والوظيفية بطبيعة الحال.
لقد أدهشني ما ذكره التقرير البريطاني عن تدقيق أرباب الأعمال الذي وصل إلى حد رصد الأخطاء اللغوية والإملائية لأصحاب طلبات التوظف وإدخال ذلك العنصر في تقييم شاغل الوظيفة. ذلك أنني أحد الذين يؤمنون بأن الاعتزاز باللغة تعبير عن الاعتزاز بالهوية والذات، وفي مناسبات عديدة رددت القول المأثور الذي ينسب إلى الإمام ابن حزم الأندلسي، وفيه قرر أن اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال.
ينعقد لسان المرء حين يقارن بين معايير اختيار بعض الموظفين في بريطانيا ونظيرها التي يعول عليها في اختيار الوزراء في بلادنا. كما أنني لا أخفي خجلا من شيوع الأخطاء اللغوية والإملائية أحيانا فيما يصدر عن كبار المسئولين من كلمات أو بيانات، وهو ما اعتدنا عليه وصرنا نتسامح معه بمضي الوقت ضمن مؤشرات عموم «بلوى» التدهور في الأداء العام. إلا أنه مما لا يصدق ولا يخطر على البال أن تثبت تلك الأخطاء بحق مسئول عين وزيرا للتعليم العالي ــ مرة واحدة! ــ حيث أخشى أن نفاجأ يوما ما بوزير للزراعة أو الصناعة لا يجيد القراءة والكتابة!. وحين يحدث ذلك ويقبل فإننا نعذر إذا أدرجناه ضمن علامات الساعة الصغرى!