13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
18.02°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة18.02°
الجمعة 13 ديسمبر 2024
4.54جنيه إسترليني
5.06دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.76يورو
3.59دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.54
دينار أردني5.06
جنيه مصري0.07
يورو3.76
دولار أمريكي3.59

خبر: الرقصة الفلسطينية المؤجلة

هذه المرة وحسب إجماع مراسلي الفضائيات فإن الفلسطينيين في رام الله وغزة لم يُعبروا عن رد فعل سريع بالفرح إزاء ما سمعوه عن المصالحة بين فتح وحماس، والتفسير الأولي لهذا الحذر في استقبال نبأ جدير برقصة وطنية جماعية هو ما تعلموه في طفولتهم عن حكاية الراعي والذئب. وهكذا لَقحوا أنفسهم على ما يبدو ضد الاصابة بصدمات أخرى تُضاف إلى ما عانوه عندما تداولوا بأسى نكتة سياسية عن الوفاق بين الطرفين، فقد علّق أحدهم عندما سمع عن المصالحة قائلاً: “هل نحن في الأول من نيسان؟” فأجابه الآخر له، ربما نكون في الخامس من حزيران وهو أطول يوم في التاريخ إذ بلغ عمره ما يقارب نصف قرن، وقد يكون من حق الناس أن يُدافعوا عن عُقولهم ومشاعرهم ضد الصدمات والصواعق، خصوصاً إذا لُدغوا من الجُحْر ذاته مرات عدة . ولو تركنا جانباً كل ما يمكن أن يترتب فلسطينياً ووطنياً على المصالحة بين توأمين متصارعين وهو كثير جداً، فإن ما يصدر من تصريحات لجنرالات وساسة في تل أبيب حول تخوفهم من هذه المصالحة ومعاقبة السلطة الوطنية جراءها يُرينا كم هي رهان وطني، وضرورة قُصوى لصالح الشعب الفلسطيني أينما وُجد، وأياً كان شكل حصاره فالحصار ليس حكراً على الغذاء والدواء والماء والكهرباء وكل ما له صلة بالبنية التحتية، إنه نفسي أيضاً، وإحساس مُزمن بكظم الغيظ وعدم الجهر بما يعتمل داخل النفس وما يشتعل في الذاكرة . بالطبع نتمنى أن تَصدق المصالحة هذه المرة وتُكذب كل التوقعات والاحترازات، لكن العناوين الكبرى بحاجة إلى تفكيك ليس فقط لأن الشياطين تكمن في التفاصيل كما يقال، بل لأن تكرار الحديث عن القواسم الوطنية المشتركة لا يُرْكَن إليه، فقط سمعنا من الطرفين طوال فترة الخلاف هذه القواسم لكنها لم تكن الدرع السياسية الواقية من مواصلة الاختلاف . والجميع يدركون أن هناك ائتلافاً وطنياً قسرياً يفرض نفسه على كل من حماس وفتح، هو الموقف التاريخي المتوقع ممن يعيشون معاً تحت الاحتلال، ويحلمون الاحلام ذاتها في بناء دولة كانت من المحرّمات السياسية وهي الآن وشيكة التحقق رغم كل ما يعوقها من فيتوهات وهراوات . إن تكرار الإخفاق في أية مصالحة وطنية سواء كانت تخص حماس وفتح أو أية أطراف أخرى من شأنه أن يُضاعف من حالة الإحباط عند الناس، ورغماً عنهم سيجدون أنفسهم يتبعون منهج القياس على ما سبق، فهم لكثرة ما هللوا للوفاق وصدموا بسبب ما أصيب به من وَعكات تنامى لديهم الشك في كل ما يصل إلى مسامعهم ولن يُصدقوا إلا إذا تمت ترجمة التصريحات المتبادلة إلى واقع يومي، بل ملموس باليد ومرئي بالعين المجردة . وأبسط الحيثيات السياسية في الاقليم وما جرى فيه وسوف يجري من حراك جذري يفرض على كلٍ من فتح وحماس أن لا تبددا المزيد من الوقت، فهو يُهدى بالمجان لعدو يستثمره في تكريس الاحتلال وتحويله إلى استحقاق واستيطان؟ ولو كانت المواعظ وحدها تكفي لما كان هناك أزمات على الاطلاق، لكن الحسابات السياسية وما يُحركها من نوايا تتجاوز أحياناً المنطق، بحيث لا يرى كل طرف إلا ما يريد ولا يسمع غير صدى صوته . لكن ما تفشل الدوافع الوطنية والإنسانية المجردة في إنجازه لا بد أن تنجزه المصالح، وهي الآن تفرض نفسها فلسطينياً على كلا الطرفين، فمن لا يستبق القادم من الأيام سوف يضيع في الزحام أو بين الأرجل كما يقال . والفلسطينيون لا يملكون من رفاهية الخلاف ما يدفعهم إلى المجازفة بإضاعة الفُرص والوقت . لأن أصابعهم جميعاً في النار وليسوا كمن يتدفأون على وهجها عن بعد وهم يقشرون الكستناء أو يداعبون كلابهم . ما نرجوه أن تَسْلمَ الجرة الفلسطينية هذه المرة، وهذا هو لسان حال الملايين الذين ينتظرون وقد أَجَلوا رقصتهم الوطنية إلى لحظة التصديق .