17.77°القدس
17.48°رام الله
16.64°الخليل
22.59°غزة
17.77° القدس
رام الله17.48°
الخليل16.64°
غزة22.59°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

المسجد الأقصى وعهد الدم (2-2)

1
1
كمال الخطيب

* في أجواء مجزرة الأقصى 8/10/1990م كانت سوريا ضد العراق، والعراق ضد إيران، وإيران ضد أمريكا، وأمريكا ضد روسيا. ونعيش هذه الأيام مع أجواء جريمة استهداف المسجد الأقصى المبارك، إذ سوريا والعراق وإيران وأمريكا وروسيا كل هؤلاء الآن في تحالف واحد، وهذا التحالف ينسق مع المؤسسة الإسرائيلية (لقاء رئيس روسيا مع نتنياهو، ولقاء وزير خارجية أمريكا مع وزير خارجية إيران، ولقاء وزير خارجية أمريكا مع وزير خارجية روسيا). 

إن هذا التحالف الدولي الناشئ يجمع ضمن مركباته أعداء الأمس، لنجد أنفسنا أمام مشهد أكثر وضوحًا لطبيعة الصراع، إنه صراع ديني في أجلى صوره وأشكاله، إن زخم التحالفات العالمية الناشئة، وإن الدفع بالأسلحة والجيوش إلى المنطقة، وإقامة القواعد العسكرية؛ لَيؤكد أن المعركة تتجاوز "داعش" (ما يسمى الدولة الإسلامية)، فالحرب هي على الأمة الإسلامية كلها، وعلى العقيدة الإسلامية. 

* لقد تظاهروا أنهم ضد الانقلاب الدموي في مصر، وها هم الآن يدعمون الانقلاب سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وتظاهروا أنهم ضد بشار الأسد وطالبوا بإسقاطه، وها هم الآن ينقلبون على مواقفهم ليتحول بشار إلى شريك أساسي، بل إلى أحد عناصر الاستقرار في سوريا، بل المنطقة كلها. 

* لقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما استهدفت طالبان في أفغانستان تمثالي بوذا، وعدها الناقدون من معالم وآثار الحضارة الإنسانية التي يجب الحفاظ عليها، مع عدم وجود أي بوذي في أفغانستان. 

ما بال هذا الغرب خاصة، وكل العالم لا يتحرك لاستهداف المسجد الأقصى المبارك، وعلاقته الدينية بثلاثة عشر مليون فلسطيني وأربعمائة مليون عربي وألف وستمائة مليون مسلم؟! 

ما بالهم لا يبالون بما تفعله المؤسسة الإسرائيلية من تدمير ممنهج طال البنيان، وطال الإنسان في المسجد الأقصى المبارك؟!، وما بالهم وقد صدرت تقارير دولية تثبت وجود استهداف للمسجد الأقصى في أعمال الحفر والتخريب التي تجرى تحته لا يزالون يصمتون صمت أهل القبور؟ 

* إن على هذا العالم المنافق والصامت بل المنخرس عن جريمة استهداف المسجد الأقصى المبارك أن يدرك أنه ليس في مأمن من عواقب ونتائج وآثار استهداف المسجد الأقصى، وأن شرر هذا اللهيب ولفح ناره حتمًا سيصلان إلى عقر بيوتهم وعواصمهم، إنهم إذا ظنوا أن للمؤسسة الإسرائيلية الحق في أن تنتهك حرمة مسجدنا وتعبث به وتدنسه، وتسعى لتحويله إلى كنيس أو هيكل مزعوم في حرب دينية سافرة؛ فإن هذا كذلك يخضع لمعايير المصالح الدولية والتحالفات التي ستجعلهم يندمون، ولكن حين لا ينفع الندم.

* في ذكرى مجزرة الأقصى الخامسة والعشرين (8/10/1990م)، وفي ذكرى انتفاضة الأقصى (1/10/2000م)، اللتين ارتقى فيهما الشهداء، وفي هذه الأيام التي تُعلَن فيها الحرب السافرة على المسجد الأقصى المبارك، إذ الانتهاك السافر لحرمته وسيل الدماء من جراحات المصلين فيه؛ إننا نذكر الاحتلال الإسرائيلي المتغطرس الغاشم أن مدينة القدس هذه قد واجهت في تاريخها من يوم أن بناها الكنعانيون العرب منذ خمسة آلاف سنة إلى أربعة عشر احتلالًا عسكريًّا كلها زالت، وهذا الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال لا محالة. 

* إنها القدس وإنه المسجد الأقصى المبارك، في رحابه وعند بواباته وجدرانه فاضت أرواح الصحابة الأجلاء: عبادة بن الصامت وشداد بن أوس، وغيرهما ممن جاءوا يرابطون في ساحات الأقصى، وفي رحاب القدس وفي ساحات الأقصى سالت دماء سبعين ألفًا من المسلمين عند احتلال الصليبيين لها، إذ قتلهم الصليبيون الأوروبيون الهمج، وفي رحاب القدس وساحات الأقصى سالت دماء شهداء ثورة البراق عام 1929م على يد الاحتلال الإنجليزي، قتلوهم وهم يرابطون في ساحات المسجد وعند جداره الغربي حائط البراق، لما أراد الغرباء أن يجعلوه حائط مبكاهم. 

وإنهم الشهداء، وما أكثرهم!، ارتقوا دفاعًا عن المسجد الأقصى: شهداء مجزرة الأقصى (1990م)، ومجزرة النفق (1996م)، وانتفاضة الأقصى (2000م)، وهذا الدم الذي يسيل هذه الأيام من المرابطين والمرابطات على يد عصابات المؤسسة الإسرائيلية، وإن كانوا يسمونها شرطة أو جنودًا.

إنها ليست العهدة العمرية التي كتبت بالمداد والحبر تؤكد هوية القدس والأقصى، وإنما عهد الدم يسيل من الشهداء والجرحى يؤكد أن القدس للعرب، وأن الأقصى للمسلمين، وللمسلمين وحدهم، لا يشاركهم فيه أحد من الخلق أيًّا كان.