مع اشتعال الهبة الجماهيرية في الضفة المحتلة، احتجاجا على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق فلسطينيي القدس والمقدسات في المدينة، وانتفاضا على تعديات الاحتلال اليومية على المواطنين في مدن الضفة، يطالب البعض بدخول غزة على خط المواجهة مع الاحتلال.
ومع أن قطاع غزة خرج شبابه ثائرين على الوضع في الضفة المحتلة، وارتقى فيه عدد من الشهداء على الخط الفاصل بين قطاع غزة والداخل المحتل برصاص إسرائيلي، إلا أن الأصوات تتعالى هنا وهناك من أجل تدخل المقاومة الفلسطينية للدفاع عن الضفة وردا على انتهاكات الاحتلال فيها.
ويرى المراقبون والمحللون الفلسطينيون، أنه من الضروري عدم تدخل غزة في أوضاع الضفة، معللين ذلك بسببين، وهو أن الوضع الفلسطيني بحاجة لتحرك الضفة في وجه الاحتلال بعد نوم وسبات عميق.
والسبب الثاني الذي اعتمد عليه المراقبون، هو أن قطاع غزة ليس حملا لأي مواجهة أو تصعيد جديدين، خاصة وأن جراحه لم تندمل بعد ولم تضمد، منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.
أصوات مشبوهة
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف قال في حديثه لـ"فلسطين الآن": إن "الأصوات التي تنادي في هذه الأيام بضرورة دخول غزة في اشتباك مسلح مع الاحتلال الإسرائيلي هي أصوات مشبوهة تهدف إلى جر المنطقة لحرب جديدة".
وأضاف أن "الأوضاع الراهنة في قطاع غزة لا تحتمل نشوب حرب رابعة"، مشيراً إلى أن المقاومة تعاملت مع الموقف بحكمة عالية.
وبين الصواف أن الهبة الجماهيرية المشتعلة في الضفة والقدس أحدثت إرباكا للمستوى السياسي في "إسرائيل"، داعياً رئيس السلطة محمود عباس إلى وقف التنسيق الأمني وإطلاق سراح السياسيين ورجال المقاومة حتى تستمر هذه الهبة.
غزة رصيد استراتيجي
ومن جانبه، أكد المحلل السياسي وليد المدلل على أن غزة ليس مطلوبا منها أن تشتعل في الوقت الراهن، لأن ظروفها الأمنية والسياسية مختلفة تماما عن الضفة الغربية.
وتساءل المدلل في حديثه لوكالة "فلسطين الآن": "هل الانتفاضة في غزة ستؤثر على الاحتلال، وفي وجه من تنتفض، لافتاً إلى أنه يجب إعطاء غزة فرصة للتعافي من آثار الحروب الثلاثة السابقة.
وأشار إلى أن غزة يجب عليها البقاء محتفظة بصفتها رصيد استراتيجي وقاعدة للتحرير.
وشدد المدلل على ضرورة التركيز على جبهة الضفة المحتلة بصفتها أساس التناقض الذي يحدث مع الاحتلال الإسرائيلي، مبيناً أن شروط استمرار الهبة الجماهيرية متوفرة ولكن الخشية تآمر القوى الإقليمية والدولية عليها لتفويت فرصة اندلاع انتفاضة ثالثة.
ولفت إلى أن الفشل السياسي لرئيس السلطة محمود عباس مثل وقود لهذه الانتفاضة، لأنه أغلق الأفق السياسي في وجه الشعب الفلسطيني الذي لم يجد بديلا سوى الانفجار في وجه الاحتلال.