فلسطين القضية والشعب يعيشان في ظل مجتمع دولي فاسد مفسد ، هذا من ناحية، وفي ظل مجتمع صهيوني يميني متطرف، وحكومة يمينية عدوانية، لدرجة السادية، من ناحية أخرى.
بينما نحن نتابع كلمات القادة الكبار كأوباما مثلا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية الشهر المنصرم، لم نلمس منهم أدنى اهتمام بالقضية الفلسطينية، ومطالب الشعب الفلسطيني العادلة، فلم يذكر أوباما في خطابة فلسطين البتة، بينما أفاض في الحديث عن الإرهاب وعن إيران. وفشل محمود عباس ( تحت الضغوط العربية والدولية) في تعويض اللامبالاة الدولية، إذ تراجع عن قراراته التي هدد باتخاذها وأسماها ( القنبلة ؟!)، وانتهى الأمر به إلى مسايرة ما تريده حكومة العدو والأطراف الخارجية، وأهمل مطالب شعبه الملحة.
كان هذا الإهمال، وتلك اللامبالة، الصاعق الأول في تفجر الانتفاضة الشعبية في القدس والضفة وأراضي ١٩٤٨م، كرد فعل على فساد قيادات المجتمع الدولي ومؤسساته، وإفساد العدو من قبل .
لم تتوقف مظاهر الفساد التي تسكن المجتمع الدولي ومؤسساته عند الإهمال واللامبالاة على مستوى المطالب السياسية الفلسطينية، بل تجاوزها إلى عدم الاهتمام بالحقوق (الشخصية والجنائية) للسكان الفلسطينيين تحت الاحتلال، وهنا يحسن ضرب المثل، حيث قام مستوطن يهودي في ديمونا بطعن أربعة من الفلسطينيين طعنا متعمدا دون أن يشكلوا خطرا على حياته، ولم تطلق قوات الاحتلال النار على المستوطن لأنه يهودي؟! ، وسيطرت علية، وأرسلته إلى السجن. بينما تسارع الشرطة الصهيونية والجيش إلى إطلاق النار بغرض الموت والإعدام لكل فلسطيني يحمل سكينا، أو يشتبه فيه أنه سيقوم بعملية طعن. وقد قتل بسبب هذه التعليمات القمعية، ذات الصبغة العنصرية عدد من الأبرياء من الصبايا والشباب. فأين المجتمع الدولي؟!
في حادثة مهمة لم يقف عندها الإعلام كثيرا، على الرغم من أنها تكشف عن عنصرية قومية عالية الخطر، وتكشف عن حالة هوس وهستيريا زرعها التحريض اليميني المتطرف في عقول اليهود، حيث قام يهودي بطعن يهودي آخر بالسكين بعد أن حسبه عربيا فلسطينيا ؟! اليهودي يطعن اليهودي بسبب تحريض نتنياهو وحكومته على الدم الفلسطيني، ولا يقف المجتمع الدولي الفاسد أمام هذا الحدث لدراسته واستخلاص العبر، وكأن حالة الإرهاب في العالم هي حالة يتفرد بها الإسلام السني؟!
مجتمع دولي يرى كما يقول الشيخ سالم سلامة:( الذيب ويقص أثره؟!). إن من يرى الذئب لا حاجة له بآثاره، بل عليه أن يتعامل معه بشكل مباشر، والمجتمع الدولي بقيادة أميركا يرى الاحتلال والعنصرية والعدوان الصهيوني، ولكنه يتغافل عنه ويقص في أثره. والأسوأ من ذلك أنه يلوم الضحية الفلسطينية، ويطلب منها ضبط النفس؟!
في ظل هذا الفساد والإفساد، قرر شباب القدس والضفة وغزة و(٤٨)، مواجهة هذا كله بالاعتماد على النفس وتفجير انتفاضة السكاكين، (طلبا لحقوقهم، ورفضا للمجتمع الدولي ، والاحتلال الصهيوني) . في فلسطين شعب عربي مسلم يريد أن يحيا في وطنه كما تحيا شعوب الأرض بأمن وأمان ، وأن يسافر حيثما يريد بدون تصريح من الخواجا، أو من معبر مغلق لسنين. في فلسطين وغزة شعب يريد ميناء ومطارا وحرية وبناء وإعمار وعملا وتجارة وكهرباء، ويريد استقلالا وتقرير مصير، وخلاف ذلك دون تدخل من العدو . لقد خلقنا الله أحرارا ، ولم يخلقنا عبيدا.