16.66°القدس
15.46°رام الله
15.53°الخليل
19.75°غزة
16.66° القدس
رام الله15.46°
الخليل15.53°
غزة19.75°
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
4.82جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.82
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.75

«إسرائيل» مرعوبة من انتفاضة ثالثة..لا يبرر مخاوف دول عربية

محمد علاونة
محمد علاونة
محمد علاونة

يمكن استيعاب وقع اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على «إسرائيل» التي بدت مرتبكة وتبحث عن حلول للتهدئة تارة، وتصعد ضد الفلسطينيين تارة أخرى، لكن لا يمكن تفسير مخاوف دول عربية دعمت القضية الفلسطينية على الدوام من تلك المواجهات اليومية بين سلطات الاحتلال والفلسطينيين، ومحاولة قد تبدو يائسة في احتواء الوضع عبر رسائل إلى المجتمع الدولي ومن خلال عقد اجتماعات على المستوى الفلسطيني والإسرائيلي، وبمباركة أمريكية في إطار أردني.

هنالك أكثر من تفسير في سياق التحليل لتلك المخاوف الإسرائيلية والعربية رغم اختلاف المداخل رغم أن المخرج واحد، وهو تجنب حالة عدم استقرار يمكن أن تفضي إلى مواجهات، وبالنسبة للحالة الإسرائيلية هو فعليا مرصود في الأراضي الفلسطينية، إذ فرضت قوات الاحتلال أطواقا امنية في القدس والضفة، وفيما بعد يستشهد فلسطينيون خلال المواجهات أو في عمليات فردية، في المقابل تتكبد «إسرائيل» خسائر فادحة ستكون بشائرها الأولى في قطاع السياحة.

ذلك القطاع سيكون من بين عشرات المنعطفات الاقتصادية، بعد خسائر أكثر أهمية في سياسة بنيامين نتياهو الذي يواجه ضغوطا غير مسبوقة سواء من قبل المتطرفين، أم من الذين يدعون الاعتدال، فهو في موقف لا يحسد عليه ويمكن لحكومته أن تسقط في أي لحظة، فلم يكن ما عبر عنه غالبية الإسرائيليين الذين شملهم استطلاع مركز جوتمان لبحوث الرأي العام والسياسات، أمورا إيجابية لنتنياهو، كون الغالبية اعتقدت بأن حكومة الرجل فشلت في إدارة الأزمة الأمنية الحالية، أكدت على وجود أزمة ثقة حادة بين الإسرائيليين وحكومتهم، وظهور نزعة تحملها المسؤولية عن ضرورة الالتزام بحل الدولتين.
غير ذلك، ببساطة يمكن مراجعة سياسات دولة الاحتلال، قتل بدم بارد، إعدامات في الميدان، وممارسات أخرى قالت دول عربية بانها لا تحتمل وفوق العادة، عكس ذلك تماما تدعي مصادر أمنية وسياسية صهيونية إن كلا من مصر والأردن تمارسان ضغوطا مكثفة على الرئيس محمود عباس للتصدي لاستمرار «انتفاضة القدس».
ووفق المعلّق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أليكس فيشمان فإن المصادر «الإسرائيلية» ذكرت أن القاهرة وعمان تضغطان لتهدئة الأوضاع في القدس المحتلة وعدم السماح للأحداث بالانتقال إلى الضفّة الغربية.

بيانات الصحيفة تتزامن مع أنباء قدمتها القناة الإسرائيلية العاشرة، كشفت عن فحوى مبادرة أمريكية تهدف لعقد قمة ثلاثية بين عباس ونتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الأردن، بعد أن طلب المسؤول الأمريكي من المسؤولين الأردنيين عقد ذلك اللقاء قبل أن تعرب عمّان عن موافقتها على عقد القمة، وفقا للقناة.
إذا يحاول الأردن في مساحة ضيقة لا تتجاوز طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن مناقشة الوضع في القدس المحتلة، وعموم الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أنه عضو غير دائم ومحاولة احتواء لقاء آخر يجمع عباس ونتنياهو وكيري في عمّان، لكن السؤال عن تزامن قبضة امنية بهذا الشأن، فقد قامت السلطات باعتقال ناشطين شاركوا بمسيرات لدعم الأقصى ومنهم من قاد اتحادات طلبة لجامعات أردنية وآخرين غير مؤطرين ومنهم من ينتمي لأحزاب على اختلاف أنواعها.
ما الذي يعنيه مخاوف دول عربية من اندلاع انتفاضة يمكن أن تفضي لحل شامل لقضية شغلت العالم لعشرات السنين، وهل هي تخاف من حل نهائي يصب في صالح الفلسطينيين من أهم دعائمه تلك الهبة الشعبية التي يمكن أن تضع الاحتلال أمام خيارات محدودة أهمها منح هؤلاء ما يستحقون.

رد الفعل الرسمي الأردني وحتى المصري يثير الشكوك لدى ساسة وناشطين، فمثلا تسعى القاهرة وحتى دول عربية أخرى لا ترغب بمشاهدة تصعيد شعبي يتجدد بعد ربيع عربي انطلق من تونس قبل نحو خمس سنوات، استطاعت الدولة العميقة وما عرف بعد ذلك بـ»الثورات المضادة» بإخماد نيران تلك الثورات فكيف الآن تعيد انتفاضة القدس لهؤلاء تلك الروح، ذلك سؤال تكرره تلك الدول تجاه نفسها كل يوم.

واقعيا وعلى الأرض، شهدت السنوات السابقة تصعيدًا ملحوظًا في حجم وعدد الاقتحامات الصهيونية التي تعرض لها المسجد الأقصى، وتتعدد مبررات وذرائع المتطرفين اليهود، أبرزها يتم بمناسبة الأعياد أو بادعاء أداء صلوات بداخله، أو بهدف التمهيد لإعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.
الاقتحامات المتكررة اتسعت رقعتها عن السابق، لم يعد الالتفات إليها عربيًا ودوليًا.

ذلك دفع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المضي قدمًا نحو تنفيذ مخططاتها نحو التهويد، عبر سلسلة من الاعتداءات المتكررة، ما يثير سؤالا حول السكوت العربي أو الاحتجاج الخجول الذي تم اختصاره بتحذيرات من هنا وشجب هناك في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال قتل المدنيين وتسمح لمتطرفين من المستوطنين اقتحام مناطق بعينها وتعتدي على السكان.

صحيح أن لاجتماع طارئ يمكن أن يجمع أطراف المعادلة «غير الأصلية» تهدئة الوضع، وحتى إعادة كل شيء لسابق عهده حتى في القدس المحتلة، لكن هل يمكن لجم المتطرفين الذين نكثوا بوعودهم أكثر من مرة، والأهم هل يمكن حمل الفلسطينيين أصحاب الحق على نسيان قضيتهم المركزية تحديدا إذا كانت غالبيتهم قدمت الشهداء ولديها قناعة تامة بأنها ستحصل على حقوقها وفق حل عسكري تسبقه انتفاضة عارمة؛ كونها لم تعد تثق في الحلول السلمية.