ظهر علينا الشيخ المجاهد اسماعيل هنية من طهران بوجه يعلوه التصميم، وعيون ثاقبة، ولهجة رصينة لا يشوبها تردد أو وجل معلنا تمسكه بالمقاومة ورفضه الاعتراف بإسرائيل والتزامه بالحقوق الوطنية الثابتة. ولم يتردد لحظة في تسجيل شكره لإيران وشعبها لوقوفهم مع المقاومة الفلسطينية في الوقت الذي يشحذ فيه أهل الغرب ومن تبعهم من العرب سيوفهم تهديدا لإيران وبرامجها التسليحية والعلمية والتقنية. قضية فلسطين تمر بمحنة داكنة يسببها أبناؤها، وهنية يخرجها من مأزقها بثباته وشجاعته وصلابة موقفه وتصميمه على المضي نحو التحرير بالتعاون مع كل القوى التي ما زالت تتمسك بحقوق الشعب ومقدسات الأمة. الصهاينة يتمددون ويصادرون الأرض ويعتقلون ويهودون، وفي فلسطين من يبحث عن دولة عند جامعة عربية متهاوية، وعند رباعية لا تملك إرادتها، وعند بوابات البيت الأبيض الذي لا يكل في التأكيد على علو إسرائيل ودعمها بمختلف الوسائل والأساليب وتزويدها بأحدث القنابل والطائرات. إسرائيل تعمل بجد وبلا كلل أو ملل، ونحن ما زلنا نتحدث عن مصالحة بين فتح وحماس. فلسطين تضيع في ظلمات تفاهاتنا وسذاجاتنا واستهتارنا بمصير شعبنا وتراب أرضنا ومقدساتنا ودماء شهدائنا. لقد صنعنا من أنفسنا مهزلة أمام العدو والصديق، وأضحوكة أمام التاريخ الذي سيسجلنا أقزاما أمام الأمم التي أصرت على حقوقها وانتزعتها انتزاعا من بين أنياب الجلادين، وسخرية تنوح من وزرها التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب فلسطين بسخاء على مدى مائة عام. في خضم هذه الأيام الهزيلة التي تشهد التهافت والتواكل والتمزق والتصدع والتشهون، يؤكد هنية أن شعب فلسطين سيبقى شامخا كبيرا عظيما ثابتا وماضيا في طريق العز والعطاء حتى تحقيق التحرير. فشكرا له، أعزه الله وأعز سواعد المقاومين المومنين بالله الصامدين الصادقين