22.23°القدس
21.99°رام الله
21.08°الخليل
25.04°غزة
22.23° القدس
رام الله21.99°
الخليل21.08°
غزة25.04°
الأربعاء 09 يوليو 2025
4.57جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.94يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.94
دولار أمريكي3.36

كان ينوي زيارة غزة ..

خبر: الفقي .. العالم المثابر المتفائل بالحياة

"عِش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك، عِش بالحب، عِش بالإيمان، وقدر قيمة الحياة" .. بهذه العبارة اعتاد خبير التنمية البشرية الراحل الدكتور إبراهيم الفقي أن ينهي برامجه وكأنه يقول لجمهوره أن اعملوا لدنياكم دون أن تفكروا في النهاية، واعملوا لآخرتكم لتلقوا الله وهو راضٍ عنكم. ومما يبدو جلياً من حديث المقربين منه أنه قد طبّق هذه العبارة على نفسه أولا، فقد كان يعمل ويخطط حتى امتلأ جدول مواعيده لهذا العام، وكان قريباً من الله ومؤمنا بأنه _عز وجل_ أكبر من الجميع. ومن أجمل كلماته التي قالها في إحدى محاضراته: لا تتحدث عن أموالك أمام فقير، لا تتحدث عن صحتك أمام عليل، لا تتحدث عن قوتك أمام ضعيف، لا تتحدث عن سعادتك أمام تعيس، لا تتحدث عن حريتك أمام سجين، لا تتحدث عن أولادك أمام عقيم، لا تتحدث عن والدك أمام يتيم..فجراحهم لا تحتمل المزيد..زِن كلامك في كل أمور حياتك واجعل "مراعاة شعور الآخرين" جزءاً من شخصيتك..حتى لا يأتي يوم تجدك فيه وحيداً مع جُرحك فلا ترقص على جراح الآخرين، كي لا يأتي يوم تجد فيه من يرقص على جرحك.. عزيزي القارىء..إن كان الفقي ترك أثراً في روحك ذات يوم، أو إن كنت مهتماً ب"سِير الشخصيات" التي ثابرت في حياتها وتركت بصمةً قبل رحيلها، فانظر ماذا قالت لـ"فلسطين" مديرة مكتبه عنه، والتي كانت ملازمةٌ له دائماً. [b][title]لا يرتاح يوماً واحداً [/title][/b] في اليوم التالي لرحيل الفقي اتصلت "فلسطين" بمديرة مكتبه الدكتورة عبير حمدي لكن شدة بكائها حالت دون إجراء حوار معها، وفي يوم آخر بدت أكثر تماسكا، كان أول ما قالته: "ماذا عساني أقول عنه، فمهما تحدثت عنه لن أستطيع أن أوفيه حقه، لقد كان بالنسبة لنا أكثر من أب، لم يكن يتعامل معنا كمتدربين أو موظفين، بل كنّا بالنسبة له كالأبناء الذين ننهل من علمه". وتضيف: "مجرد الحديث معه _رحمه الله_ يعطي إحساسا جميلا جدا، كل مشاعر الغضب والضيق تتبخر أمامه، ابتسامته أو كلمة طيبة منه رأى منها كافية لفعل ذلك". عندما أذيع خبر وفاة الفقي، توجهت إلى مركزه سيدة كانت قد التحقت مؤخرا بإحدى دوراته وقد دخلت في حالة لا يمكن وصفها من البكاء كما تقول د.عبير، وتتابع: "قلت في نفسي حينها: إن كانت هذه السيدة تأثرت إلى هذا الحدّ بعد دورة واحدة، فماذا نفعل نحن معشر أبنائه الذين نعمل معه". د. عبير التي كانت ترافق الفقي في كل تحركاته ومحاضراته وحتى في أسفاره تتحدث عن تفانيه في عمله، تقول: "في بعض الأحيان كنّا نلحظ أنه متعب للغاية فنطلب منه التوقف عن العمل للحصول على راحة أو على الأقل تأجيله قليلا، لكنه كان يرفض بشدة ومن ثم يواصل عمله فيدهشنا بقدرته على العمل، وكان في شدة إعيائه وإرهاقه يقف على المسرح ليلقي المحاضرة وكأنه لا يعاني من شيء "، مضيفة أنه كان يردد دائما في مثل هذه الحالات: "هذه رسالة وعليّ أن أوصلها، أتمنى أن أموت وأنا أحاضر على المسرح". تقول د. عبير إن تصميم الجدول السنوي للفقي كان يقوم على "ألا يرتاح يوما واحدا"، موضحة أن جدوله للعام الحالي كان متكدساً بالمواعيد والأعمال بلا توقف، إذ لم يكن فيه وقت فراغ سوى أسبوعين في "أغسطس/ آب القادم لزيارة ابنتيه في كندا. [b][title]في رضا الله[/title] [/b] في فترة من الفترات اتهم البعض د. الفقي بأنه ينشر علماً بعيداً عن الجانب الروحي تماما وغير مرتبط بالدين، لكنه لطالما أثبت العكس في محاضراته وبرامجه التي كان يحثّ فيها على التقرب من الله وإرضائه عز وجلّ ويؤكد أن التوكل عليه تعالى هو سبيل النجاح بعد الأخذ بالأسباب. وعن الجانب الديني في حياته تقول حمدي: "حياته كلها مرتبطة بالدين، كان يوصينا دائما بربط كل شيء في حياتنا بالله عز وجل، وكلما شكونا إليه أمرا ما أو عبّرنا عن غضبا من حدث هنا أو فعل هناك، يكون ردّه علينا: "الله أكبر من أيّ شيء، لا تربطوا أنفسكم بشيء غير الله سبحانه وتعالى". وعن زيارة غزة تقول إنه في يوم الأربعاء السابق لوفاته تم تحديد يونيو القادم موعداً للسفر إلى غزة، ثم عدت للتأكد منه مرة أخرى وسألته عن جديته في السفر، فأجاب: "ألم أعلّمكم أن التفكير دائما في أسوأ ما يمكن أن يحدث، والأسوأ لن يكون أكثر من الموت، وعلى الأقل سأكون شهيدا إن متّ في فلسطين، فالمهم أن أوصل الرسالة إلى كل بقاع الأرض". الحفاظ على علم خبير التنمية البشرية الراحل سيكون من أولويات تلاميذه في المرحلة القادمة، تقول د. عبير: "لطالما أوصاني بالحفاظ على المركز من بعده وكان يقول لي: (يا عبير هذا المركز هو ابني الصغير الذي أريد أن يكبر بعد وفاتي)"، مضيفة: "لم نغلق المركز حتى في أيام العزاء، وسنبقى على عهدنا معه". ولفعل ذلك لابد من طاقة يستمد منها تلامذته الصبر والقدرة على الاستمرار حتى بعد رحيله، تقول: "كلما تعرضنا لمشكلة كان يقول لنا (THE NEXT) _أي التالي_ ويقصد بذلك أن استمروا بلا توقف عند أي مشكلة تواجهكم بل انتقلوا لما بعدها مباشرة لإكمال إنجازاتكم، ونحن لن نتوقف من بعده بل سنواصل". [b][title]قريباً في غزة! [/title][/b] نائب مدير المركز الكندي في غزة أشرف العيسوي أخبر "فلسطين" أن آخر مرة التقى فيها الفقي كانت يوم الأربعاء الماضي أي قبل يومين فقط من وفاته، حيث كان في زيارةٍ إلى "المركز الكندي العالمي" في مصر والذي تعود ملكيته إلى الفقي، وطلب منه خلال اللقاء أن يزور غزة فما كان منه إلا أن رحب بالفكرة كثيراً، وحدد موعدا لذلك وطلب منه أن يبدأ بالإجراءات مع المسئولين في المركز بخصوص السفر لغزة، رغم أنه كان قد أجلّ البت في هذا الاقتراح سابقا على حد قوله. بدأ العيسوي على الفور بمناقشة ترتيبات زيارة الفقي إلى غزة مع مديرة مكتبه وشقيقه، وخلال تباحثه معهما مرّ بهم الفقي ليشدد على رغبته بالأمر وطلب من مديرة مكتبه وشقيقه تذليل الصعوبات أمام هذه الزيارة. عاد العيسوي إلى غزة يوم الخميس ليُفجع بخبر وفاة الفقي صباح الجمعة، ويقول: "عندما سمعت النبأ عدت بذاكرتي إلى ذلك اليوم الذي التقيته فيه، فقد بدا وكأنه يوّدع الأشخاص والمكان، فكلما دخلتُ مكاناً في المركز وجدت الفقي يتحدث إلى الموظفين فيه بابتسامته التي لم تفارقه، عانق شقيقه الدكتور سيد عندما قابله في المركز وسلّم على الموجودين، شاهدته يفعل ذلك مع موظفي الاستقبال ورجل الأمن، وقد بدت على الأخير علامات السعادة بعد حديثه مع الفقي، وعندما تحدثت إليه كان يضحك ويدعو له". ومن خلال احتكاك العيسوي بالفقي يقول إنه كان إيجابيا في كل كبيرة وصغيرة، مرحاً للغاية ودائم الابتسامة، يبحث عن الأمل في نفوس الشباب ويرفض تثبيطهم أو إضعاف هممهم ولو بكلمة بسيطة، ويتابع: "لا أجد ما أتكلم به عن الراحل فقد غيّر حياتي مائة وثمانين درجة".