18.82°القدس
18.5°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.82° القدس
رام الله18.5°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

أصوات نشاز تحارب الانتفاضة

محمد القيق
محمد القيق

وتنطلق انتفاضة القدس الجريئة والمنتصرة للمسجد الأقصى المبارك ونساء فلسطين والمرابطات، هي انتفاضة لم تكن مزاجًا ونزهة ذهب إليها الشعب الفلسطيني، إنها نقطة الانعطاف نحو حرية حقيقية، فقبل أن نتحدث عن النشاز في أصوات مشبوهة لا تتمتع بطول نظر لنلقِ نظرة سريعة على الانتفاضة (بات كلٌّ يسمي هبة الشباب وعملهم المقاوم بهذا الاسم)، هي تلك الفعاليات التي أسماها بعض من الأجهزة الأمنية قبل شهر أنها أعمال عنف وجر الضفة إلى الفوضى، فإذا هي انتفاضة وحق شعوب وردود طبيعية وغيرها، وهذا يعني أن كلًّا بات يريد من هذه الانتفاضة مصلحته المؤقتة إلا الشعب الذي يحذر من أصوات نشاز كثيرة، أبرز خمسة منها:

- تطل نقابات بلعنة على العمليات المقاومة بحجة أن مقاومًا تقمص دور صحفي لتنفيذ عمليته، وهذا دليل على ضيق أفق وخوف من الاحتلال، فبدل أن تكون هذه النقابة متصدرة للدفاع عن حقوق الصحفيين الذين أصيبوا خلال المواجهات واعتقلوا وأهينوا على يد الاحتلال، كما حدث في القدس والضفة وغزة، وتحاكم الاحتلال على قتل كثير منهم كما فضل شناعة وغيره؛ تطل علينا ببيانات ساذجة تعطي الاحتلال الضوء الأخضر والتبرير لأي اعتداء على الصحفيين، فبدل أن تخرج بمسيرات تنديد بالاعتداء على الطواقم العاملة منذ بداية الانتفاضة تصدر بيانات بمضامين وتوقيت سيئين، فاحذروا الأصوات النشاز.

- في كل ثورة وانتفاضة هناك فئة لها مصالح مادية، وفئة مندسين تلعب على وتر الخلافات والمصالح، تحاول شن حرب معنوية على المنتفضين، وتثبيطهم، وتدمير المعنويات بإطلاق الشائعات بأن ما يحدث انتحار، وأن المواجهات سيئة، وأن الضفة لا ينبغي أن تشتعل؛ فهنا نحن أمام عملاء مندسين بتعليقاتهم على شبكات التواصل والمداخلات الكلامية أو بأفكار ومقالات وأعمال تسيء للقضية الفلسطينية، مثل "انتقاد للمواجهات في غزة والضفة بحجة أن عمليات الطعن في القدس هي المهمة، وغير ذلك انتحار وتخريب"، ومن يروج لهذا فئتان: أولاهما عملاء، وهي وظيفتهم الدائمة، وذلك لعزل القدس وجعلها منفردة كما حدث في عزل غزة التي تخوض حروبًا وحدها، والفئة الثانية هي جاهلة للمعادلة القائمة ومبادئ التحرر، وغير واعية تاريخ الثورات والشعوب.

- الإعلام الموجه ذو النظرة السلبية، سواء أكان وسائل كاملة أم مراسلين، تلك الأساليب يقع فيها إعلامي كسول عاجز، أو وسيلة إعلام موجهة وممولة لإثارة البلبلة في شارع الانتفاضة والتكافل الاجتماعي، فإبراز الخلافات والمشاكل العائلية والجنائية أخبارًا رئيسة إلى جانب أخبار الانتفاضة مأساة وحرب أخرى وعدو آخر للانتفاضة، أما الإعلام الكسول الذي لا يحرر أخبار الاحتلال، ويعزز حالة الإرباك بنقله المعلومات كأنها كلام منزل من المصادر العبرية، وتبني رواية الاحتلال، وتجاهل العمل الإعلامي المقاوم مع المحافظة على المهنية؛ فهو كسول يقلل من شأن الانتفاضة حتى يبقى في قالبه الروتيني الذي عودته إياه سنوات التخدير، والتنسيق الأمني، والوضع الذي كان قائمًا في الضفة.

- الشائعات ونشر الشبهات عن ملقي الحجارة ومشعلي الانتفاضة، وهذه أسهل الطرق للقضاء على الملف، وهي التشكيك فيه حتى ينتهي عمله ونشاطه؛ فترى الشائعة تنتشر بدرجة كبيرة بمعلومات خطأ يتداولها مسؤولون وقادة وإعلام ومواطنون تزيد من الخوف والإرباك في صفوف أهالي الشهداء والمنتفضين، ومحاولة تعزيز فكرة أن الذي ينتفض هم قلة قليلة ولديهم بطالة واكتئاب، أما غير المنتفضين فيعيشون في كماليات وترف وغير ذلك، علمًا أن الشهداء الذين ارتقوا كلهم يعملون في وظائف مهمة وطلبة جامعات، وأوضاعهم المالية والاجتماعية عالية، وهذا في إطار الحرب النفسية التي تحاول أن تغطي على فكرة الثورة وطبيعتها الاجتماعية.

ختامًا إنها الانتفاضة المعنوية التي يحاول الكثيرون إجهاضها كي تموت معها الانتفاضة المادية والميدانية؛ فكان الإعلام وتصريحات بعض المسؤولين والشائعات والتعليقات في صفحات التواصل الاجتماعي كلها واحدة، وكأن مخرجها واحد، مفادها أن الشعب مات والاحتلال قوي والأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم، وأن الشعب الفلسطيني مل الانتفاض والدماء، تلك الأصوات النشاز التي كلما سيطرت وحكمت عربد الاحتلال أكثر، وكلما وجدت أذنًا صاغية كذبت وأشاعت ودمرت، وهذا حصاد عشر سنوات من تلك الفئة وإفرازاتها، ومع ذلك تفشل يومًا بعد يوم، ولنحذر جميعًا أن نقع في دجل الشيطان الجديد بأشكاله المتنوعة والمغرية والمقنعة.