أي فائدة ترجى من وقف الانتفاضة مقابل عودة الهدوء، وإلى ما كانت عليه قبلا، وقد كانت على أسوأ ما يمكن أساسا، ثم هل تعني الى ما كانت عليه استمرار المستوطنين بحرق الفلسطينيين أحياء، وبقاء إجرام جنود الاحتلال بهدم البيوت واعتقال الفلسطينيين، ومنع المصلين وتحديد أعمارهم، والاذلال على الحواجز وتوسعة المستوطنات، وحرق واقتلاع الزيتون في موسمه، وبقاء غزة على جوع وقهر ومنع أبسط متلطبات العيش عنها.
وهل العودة الى ما قبل الانتفاضة الجديدة يعني تهويد القدس اكثر فأكثر، والاستيلاء على بيوت المقدسيين عنوة، والأمر كان هكذا أساسا، وهل تركيب كاميرات المراقبة في الاقصى سيحل اي مشكلة، ومن سيخدم اكثر الفلسطينيين ام الاحتلال؟ وما الذي ستراقبه على وجه الدقة، وأي هدوء هو المنشود طالما لا يفضي إلا الى استقواء المتدينين المتطرفين وقطعانهم الاجرامية، ثم من الذي سيتحمل مسؤولية الشهداء المغدورين وكانوا عزلا، وقتلوا بذريعة الاشباه لمجرد كونهم عربا.
وزير الخارجية ناصر جودة يريد انتظار ان يتكلم نتنياهو ليحدد موقفا نهائيا، وصائب عريقات نقل ما باح به عباس لكيري ويخص إعادة الوضع في الاقصى الى ما كان عليه، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، اما كيري فحاول بث الطمأنة، ونقل عن نتنياهو موافقته بقاء الوصاية الهاشمية والصلاة في المسجد للمسلمين وزيارته لغيرهم، فأي انتصار الذي سيتحقق من جهود الامريكان ان مرت حقا، وما الذي ستضيفه العودة الى المفاوضات غير مزيد من الوقت للحكومات اليهودية للمضي قدما في مشاريعهم، إن للقدس او مجمل الضفة الغربية، لتكون كلها مستوطنات مع بقاء غزة على حصار بلا نهاية، وطالما السيسي أعاد ضخ مياه البحر مجددا الى حدودها وليس فقط أنفاقها.
الوضع الإقليمي لصالح العدو الصهيوني اليهودي وهو بالفعل في أحسن حالاته بسببه، غير ان الغائب عن الأذهان ان نفس الوضع يؤمن للفلسطينيين افضل الظروف لانجازات حقيقية في قضيتهم، ويكفي ان تستمر الانتفاضة ليكونوا هم ايضا في احسن حالاتهم، واستمرارها يعطل على اليهود جني ثمار الأزمات الاقليمية، ولو ان عباس وسلطته بالادراك والوعي بما يكفي لتمكنوا ايضا من جني ثمار مؤهلة بجد لاقامة دولتهم، غير ان كل ما يقومون به المحافظة على بقاء الاحتلال بالدعوة والموقف لعودة الهدوء وليس الحقوق التاريخية للشعب.