أعادت انتفاضة القدس كتابة التاريخ الفلسطيني، فقد أحيت مشاهدها البطولية نضالات الشعب الفلسطيني وطمست محاولات الاحتلال وماكيناته الدعائية في تغييب صفحات من اللجوء الفلسطيني والمآسي اليومية؛ فقد دفعت هذه الانتفاضة وسائل الإعلام العربي والدولي واستعادت تركيز إمكانياتها الإعلامية والصحفية للمحافظة على مكانة القضية الفلسطينية في وجدان وذهنية شعوب المنطقة، لتضل في موقع الصدارة , موقع العقل والقلب والوجدان العربي والإسلامي والقضية المركزية للأمة، والتي يشعر معها كل مسلم بأنها قضيته الوطنية والإنسانية الأولى، استعادت انتفاضة القدس بوصلة الماكنة الإعلامية صوب قضيتها المركزية التي تزودها دوما بالصوت والصورة صوب الأحداث وتفوقت في توجيه الرأي العام العالمي والعربي المنشغل في أزماته الداخلية لمواجهة ما تتعرض له فلسطين والقدس من تحديات توجب العودة إلى دعمها والوقوف إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين بعيدا عن الثورات والثورات المضادة في البلدان العربية. فقد أخرجت انتفاضة القدس وسائل الإعلام من الغيبوبة المؤقتة التي دخلت بها وبدأت تستعيد لياقتها العربية والإسلامية حيث نجحت انتفاضة الشعب في استعادة الحراك الجماهيري العربي والإسلامي في الأردن والمغرب والجزائر ولبنان وفي كافة أنحاء العالم الحر في أوروبا وتركيا وجنوب أفريقيا، عدا عن استعادة شعبنا الفلسطيني للحمة على مبدأ الانتفاضة ؛ كذلك كشفت هذه الانتفاضة عن ضعف وهشاشة دولة الكيان الصهيوني أمام صمود شبابنا المسلحين بسلاح الإيمان بحقنا في التحرير وسطروا بحجارتهم وسكاكينهم أروع ملاحم البطولة والفداء.
وفي خضم انتفاضة القدس وتركيز الاعلام الفلسطيني عليها إلا أن شعبنا شارك تركيا فرحتها دون أن يخرج عن مضمون التغطية لما يجري في فلسطين لأن تركيا هي من طالب بلجم العدوان الصهيوني على أهل غزة و من ناصر القدس وانتفاضتها وأهلها ومسجدها الأقصى – تركيا – التي انتصرت في انتخابات الإعادة ممثلة بحزب العدالة والتنمية في وجه من تآمر عليها، وخاصة بعد أن علمنا أن هذا الانتصار بدأ يبني لأبناء اليهودية بيوتا من الرعب كما جاء على لسان الباحث الصهيوني افرايم عنبر بقوله: "صعود أردوغان نسف البيئة الإقليمية والاستراتيجية لإسرائيل بشكل كارثي" وقال آخر "في عهد أردوغان أصبحت غزة تحاصر إسرائيل وليس العكس"، هذا من جهة ومن جهة أخرى يمكننا القول إن تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان تشكل الحاضنة الإسلامية لشعبنا الفلسطيني والدرع الواقي عن القدس وخاصة إذا ما علمنا أن هذا الطيب من سيطرح هذه القضية التي لا تزال تراوح مكانها منذ 67سنة ونيف، سيطرحها؛ أمام قمة العشرين المقبلة والتي تضم الدول الكبرى في العالم وهو ما يؤكد متانة العلاقة التاريخية التي تربط تركيا بفلسطين ونذكر ما قاله رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أثناء كلمة له في الدعاية الانتخابية لحزب العدالة والتنمية "بأن المسجد الأقصى لنا أي للمسلمين وليس لليهود ".
إذن، فالمسجد الاقصى هو الخط الأحمر الذي لا يغيب عن الأنظار وحتى إن خرجنا إلى تركيا وما نحب من فوز لحزب العدالة والتنمية فهو نصر لقضية القدس ولكننا عدنا في توجيه إعلامنا العربي والإسلامي ولن تأخذنا البوصلة بعيدا كثيرا عن مسرى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فلا نزال نراوح أماكننا منذ أكثر من ستة عقود ولا يزال الإعلام العربي يركض خلفنا يغطي ويدون جرائم الاحتلال الصهيوني، ولكن على هذا الاحتلال أن يعي أن هذا الخط الأحمر لا يستطيع تجاوزه وهو يرى بأم عينه كيف ينتفض الشباب الفلسطيني ليذود عن حياض أمته , الشباب الذي فجر انتفاضة القدس وأطلق شرارتها لأجل إفشال المخططات الاحتلالية تجاه المسجد الأقصى ومدينة القدس وعلى شبان الانتفاضة الاستمرار وعدم الالتفات لأحد , فحجركم وسكينكم ومولوتوفكم قد أوجع دولة الكيان الهش... قليلا من الصبر والصمود سنفرح بصلاتنا في باحات المسجد الأقصى المبارك وهذا وعد السماء , قال تعالى: "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله" .