13.33°القدس
12.95°رام الله
12.19°الخليل
19.23°غزة
13.33° القدس
رام الله12.95°
الخليل12.19°
غزة19.23°
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
4.82جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.82
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.75

الرقص الإسرائيلي على الدماء الفرنسية

صالح الننعامة
صالح الننعامة
صالح النعامي

تبدو إسرائيل على عجلة من أمرها في توظيف الاعتداءات التي استهدفت باريس في ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. فقد بات الصهاينة يحاولون استغلال هذه الأحداث في اضفاء صدقية على مواقفهم بأثر رجعي من خلال فبركة مقارنة بين منفذي هجمات باريس والمقاومين الفلسطينيين الذين يثورون على آخر احتلال إحلالي في هذا العالم. 

وقد بدا أن هناك خطا دعائيا صهيونيا واضح المعالم يقوم على توظيف هجمات باريس في تبرير القمع الوحشي للشعب الفلسطيني بزعم أن المقاومين الفلسطينيين هم «امتداد طبيعي» لتنظيم «الدولة الإسلامية»، كما يزعم الوزير الصهيوني زئيف إلكين. وقد استندت النخب الفكرية اليمينية في تل أبيب إلى هجمات باريس في تبرير الدعوة لشن حرب لا هوادة فيها ضد انتفاضة القدس بصفتها «تعبيراً عن روح الجهاد الإسلامي الخطيرة»، كما يزعمون. 

وفي لهجة تحريض واضحة تهدف إلى إثارة الرعب في النفوس الأوروبية، قال المفكر اليميني مردخاي كيدار ان فشل الغرب في مواجهة المسلمين يعني تمكينهم من السيطرة على العالم الغربي بقوة السلاح. ويواصل كيدار توجيه خطابه للغرب، قائلاً: «عليكم أن تدركوا أن المسلمين يتعاملون مع من يطلب السلام كمن يسعى لتأمين حياته بعد أن خسر المعركة، مما يجعل الغرب أمام خيارات صعبة، مما يفرض عليه تحقيق انتصار لا غبار عليه على المسلمين، انتصار واضح وضوح الشمس في رابعة النهار»، على حد تعبيره. ولم تفت النخب الصهيونية التأكيد على وجوب عدم التفريق بين الإسلاميين «المتطرفين» و»المتشددين» على اعتبار أنهم جميعاً «يقتتاتون من نفس المعين الأيدولوجي»، كما يقول المفكر اليميني مردخاي كرفل. وقد اعتبر كرفل أن هجمات باريس يجب أن تدفع الغرب لتقديم أكبر دعم ممكن لإسرائيل، على اعتبار أن نجاحات الفلسطينيين في حربهم ضد الكيان الصهيوني سيتحمل تبعاتها الأوروبيون مستقبلاً!. ومما يغري الصهاينة بالرهان على هذه الهجمات حقيقة أنها تزامنت مع تعاظم مظاهر رغبة اليمين الأوروبي في التعاون مع إسرائيل ومطالبته بالتحالف معها في مواجهة الإسلام.

 وقد رصدت وسائل الإعلام الصهيونية العديد من رسائل الغزل التي أرسل بها قادة الأحزاب اليمينية الأوروبية لقادة أحزاب اليمين سواء تلك المشاركة في الحكومة أو المعارضة من أجل التنسيق فيما بينها. ولما كانت هجمات باريس تعزز من فرص تعاظم قوة أحزاب اليمين في أوروبا وقد تدفعها للحكم، فإن اليمين الإسرائيلي يبدو حريصاً على عدم تفويت هذه الفرصة من أجل تعزيز روايته للصراع ولمواجهة الحملة التي تشنها حركة المقاطعة الدولية على إسرائيل «BDS». وكما يرى أمنون لورد، الذي يعد من أبرز المفكرين اليمينيين في تل أبيب، فإن أحداث باريس تسمح باقناع الأحزاب اليمينية في أوروبا بتمرير مشاريع قوانين تحظر فرض مقاطعة اقتصادية على إسرائيل، على اعتبار أن إسرائيل وأوروبا توجد في نفس المركب في مواجهة «الإسلام المتطرف».

 وهناك في إسرائيل من استغل أحداث باريس من أجل التحريض على اللاجئين السوريين. فقد حذر «مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة»، الذي يديره دوري غولد وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي من أن اللاجئين السوريين شأنهم شأن بقية المهاجرين المسلمين الذين وصلوا أوروبا «سيتحولون إلى عبء أمني وتحدٍ إستراتيجي للقارة العجوز، من خلال الإصرار على مواصلة تمتعهم باستقلالهم الثقافي وسعيهم لإقامة دولة «الشريعة».

وقد رأت إسرائيل في أحداث باريس مناسبة لتبرير مطالبتها العالم بالاعتراف بقرارها ضم هضبة الجولان. مع العلم أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حرص خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مطلع الأسبوع الماضي وحاول اقناعه بإصدار قرار يؤيد ضم الهضبة السورية المحتلة، بزعم أن إسرائيل لا يمكنها الانسحاب من الجولان على اعتبار أن مثل هذه الخطوة تسمح لـ»الجهاديين» بالمرابطة على التخوم الشرقية لإسرائيل. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تبد حماساً واضحاً لقبول الموقف الإسرائيلي، إلا أن النخب اليمينية في تل أبيب ترى أن الظروف الحالية تسمح بالحصول عل اعتراف أمريكي بقرار ضم الجولان لإسرائيل الذي اتخذته حكومة مناحيم بيغن عام 1981، وذلك من خلال توظيف فزاعة الجهاديين. وترى نخب اليمين الصهيوني أن هجمات باريس إلى جانب الظروف السياسية الداخلية في الولايات المتحدة تمكن إسرائيل من بلورة اجماع بين الديموقراطيين والجمهوريين حول هذه القضية، حيث لا يرون أن هناك مشكلة في اقناع المرشحين الجمهوريين بالالتزام بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، في حين أنهم يقدرون أن فرص قبول المرشحة الديموقراطية الرائدة هيلاري كلنتون بتقديم هذا الالتزام كبيرة جداً.

هناك حاجة لمواجهة مكانة الدعاية الصهيونية وتقليص قدرتها على استغلال هجمات باريس في شيطنة مقاومة الشعب الفلسطيني والتغطية على جرائم إسرائيل.