"يداك أوكتا وفوك نفخ"، مثل ينطبق على المجتمع الدولي حين تآمر على الثورة العربية ووقف مع الدكتاتوريات في الوطن العربي ضد الشعوب ، ثم انقلب السحر على الساحر وباتت التنظيمات التي صنعت على عين المجتمع الدولي والدكتاتوريات المستعربة كابوسا يلاحق كل أوروبي وأمريكي في عواصمهم وكبرى مدنهم .
عندما استهدفت الطائرة الروسية في سيناء وتمت مهاجمة باريس اضطرت روسيا أن تعترف أن تنظيم الدولة "داعش" يتلقى دعما من عشرات الدول الغربية والعربية، ونحن لسنا بانتظار مثل ذلك الاعتراف لنتأكد أن تنظيم الدولة وخاصة في سوريا يعمل ضد الشعب السوري وضد الثورة السورية وحتى ضد اللاجئين الفلسطينيين لصالح النظام السوري وتحالفه الشيطاني.
حتى لو لم يكن قادة التنظيمات الإرهابية صناعة غربية ممولة عربيا فإن تآمر الغرب على الثورة العربية وخيارات الشعوب كفيل بأن ينتج التطرف وأن يدخل الشباب أفواجا إلى مثل تلك التنظيمات بعد إحراق صناديق الاقتراع ومنعهم من المضي قدما نحو تغيير واقع مظلم فرض عليهم منذ عشرات السنين بقوة البطش والسلاح والعسكر. أراد الشباب التغيير بطريقة ديمقراطية رضيها الغرب لأنفسهم، واضطرت بعض التيارات الإسلامية المعتدلة أن ترضى بها حقنا للدماء وحفظا لمقدرات البلاد وحرصا عليها من الذهاب إلى مجهول قد يدخل الوطن العربي في حقبة استعمارية جديدة.
مجلس الأمن أجاز بإجماع أعضائه اتخاذ كل الإجراءات اللازمة ضد تنظيم الدولة وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا والعراق ، وهذا الإجماع بسبب مقتل قرابة 500 شخص من غير المسلمين والعرب في سيناء وباريس، ولكنهم سمحوا وسهلوا ودعموا سفك دماء مئات الآلاف من المسلمين، ويكفي أن نتذكر المجازر التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا أو التي ارتكبها السيسي في ميداني النهضة ورابعة، وهو مع ذلك يستقبل استقبال الرؤساء في بريطانيا وفي ألمانيا، يكفي أن نتذكر ذلك لنعلم مدى وحشية العقلية الغربية التي تحاول أن تبقي سيطرتها إلى الأبد على العرب والمسلمين.
الإجراءات الوحيدة التي يمكن أن يتخذها المجتمع الغربي وتكون كفيلة لعيشهم بأمن وأمان هو ترك الشعوب العربية أن تقرر مصيرها بنفسها دون تدخل منها أو من أذنابها العرب، على الغرب أن يترك الشعوب أن تختار من يمثلها عبر انتخابات حرة ونزيهة ليتفرغوا لبناء أوطانهم وإعادة ترميم ما دمروه هم ووكلاؤهم من العسكر وغيرهم لعقود مضت، فإن لم يفعلوا ذلك فلينتظروا المزيد من العنف والإرهاب والدماء في عواصمهم ومدنهم وضد مصالحهم في العالمين العربي والإسلامي.