الآن وبعد ما يقرب من سبعين عاما من الصراع بين الدول العربية وإسرائيل انكشفت الحقيقة وهي أن الصراع العربي الاسرائيلي لم يكن سوى أكذوبة روجتها الأنظمة العربية الاستبدادية لتسلب من الشعوب حريتها وتتسلط عليها وتنهب خيراتها وتترك العسكر المتخلفين يوصلونها إلى قاع القاع في كل مستويات الحياة، لم يكن هناك صراع حقيقي بين الأنظمة العربية وإسرائيل، فالحكومات والجيوش العربية التي كانت تتفوق في قدراتها وأعدادها وعتادها على إسرائيل لم تحقق نصرا واحدا ضد إسرائيل حتى نصر أكتوبر حوله السادات إلى هزيمة لأنه لم يكن في الحقيقة يسعى لتحقيق نصر وإنما لحلحلة الوضع والدخول في اتفاقية سلام مع الاسرائيليين كما قال هو وصرح وكما حدث بالفعل، فتحول النصر إلى هزيمة للعرب جميعا حينما وضع السادات يده في يد اليهود وباع كل شيء حتى يصنع سلاما مزعوما لا قيمة له، وسار باقي العرب على نهج السادات بعدما خالفوه في البداية.
اختطف العسكر بلادا كبرى مثل مصر والعرا ق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر والسودان عبر انقلابات عسكرية مدعومة من الولايات المتحدة والدول الغربية وادعوا أنهم قاموا بهذه الانقلابات حتى يخرجوا الشعوب من التخلف والاستبداد والحكم الملكي المتخلف إلى الديمقراطية والحرية لكنهم في الحقيقة أخذوها إلى الدرك الأسفل والانحطاط في الظلم والاستبداد وكل مجالات الحياة وملأوا السجون والمعتقلات بالمعارضين وتفرغوا للسلب والنهب وشراء أسلحة فاسدة مقابل عمولات باهظة ولم يمنحوا الشعب سوى الفتات وتبارى الزعماء المزيفون في الخطابات الحماسية والتهديدات العنترية لاسرائيل بإلقائها في البحر والقضاء عليها في عدة ساعات، لكنهم لم يحققوا سوى الهزائم، لقد استخدم الزعماء المستدون أكذوبة الصراع العربي الاسرائيلي ليحققوا مطامعهم الشخصية ويمارسوا فسادهم واستبدادهم ليتركوا بلادهم بعد عشرات السنين من الحكم الاستبدادي أطلالا من البشر ويحولوها الآن بفعل الجيوش التي لم تقم يوما بحرب إسرائيل إلى أطلال من البشر والحجر هل الجيش العربي السوري أو الجيش المصري أو الجيش العراقي الذي كان يستخدم كل منهم فزاعة لاسرائيل من قبل قد قام بمواجهة حقيقية مع إسرائيل؟ أم أنهم أعدوا كما هو الحال الآن لتدمير البلاد وقتل العباد والتمكين لاسرائيل وجعلها أكثر البلاد أمانا في المنطقة حيث تحميها الجيوش العربية أو بقاياها من كل مكان هي فيه، لقد عاش العرب طيلة سبعين عاما على أكذوبة الصراع العربي الاسرائيلي وها هم يفيقون الآن على جيوش تدمر بلادها وحكام عملاء لاسرائيل وخدم لها فهل أدركت الشعوب الحقيقة الآن أم ما زالت تصدق هذه الأكذوبة؟