27.77°القدس
27.18°رام الله
26.64°الخليل
27.49°غزة
27.77° القدس
رام الله27.18°
الخليل26.64°
غزة27.49°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

بئران.. (غاز ومخدرات)

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

نشرت (صحيفة فلسطين) في الصفحة (١١) محليات، خبرين، الأول يتعلق بالاحتلال الصهيوني، والآخر يتعلق بالمحتل الفلسطيني. وفي الخبرين مقابلة مذهلة، أو قل مفارقة كاوية. يقول الخبر الأول: "أعلنت سلطات الاحتلال عن اكتشاف حقل غاز طبيعي آخر يقع في المياه الإقليمية الخاضعة لسيطرة الاحتلال مع قبرص، أطلق عليه اسم (يشاي)، وأن (إسرائيل) وقبرص ستتقاسم العائدات من هذا الحقل".

ويقول الخبر الثاني الذي جاء أسفل الخبر الأول: "ضبطت شرطة مكافحة المخدرات فرع محافظة غزة كمية كبيرة من المخدرات في منزل أحد تجار المخدرات، ورمزت للتاجر بـ(ن- ش)، وقال المقدم إبراهيم تمراز: "قامت قوات شرطة مكافحة المخدرات بتفتيش منزل التاجر المذكور، مستعينة بآليات حفر بعد تأكدها من إخفاء المدعو للحبوب المخدرة أسفل المنزل، واستمر البحث حتى تمّ ضبط (٣١٥) كرتونية أترمال، موضوعة في براميل أسفل الأرض بعمق مترين، واستمر الحفر سبع ساعات متواصلة؟!". 

لست أدري هل تعمد المحرر في جريدة فلسطين وضع الخبرين متلاصقين، في الصفحة نفسها، بحيث يكون الأول أعلى، والثاني أسفل منه، لينكأ جراح المتلقين للخبرين، ويصنع المفارقة الكاوية للعقل والوعي، ويجعلنا نفكر في قضية المقاومة والتحرير من خلال هذين الخبرين، ولو للحظة القراءة على أقل تقدير. إن كان المحرر قد فعل هذا عمدًا، فإنه يستحق الشكر والتقدير، لأنه تجاوز مرحلة نقل الخبر، إلى مرحلة توظيف الخبر لصناعة قضية، وجدير بالإعلام المقاوم أن يكون صاحب قضية. 

القضية التي صنعها التحرير تقول كيف لشعب محتل أن يصل إلى أهدافه الوطنية في التحرير والاستقلال وطرد الاحتلال، ومجموعة من تجاره يتاجرون بالمخدرات، ويدفنونها في أعماق الأرض داخل منازلهم، لتضليل شرطة المكافحة، التي أمضت سبع ساعات في الحفر، وربما أمضت أيامًا وأشهراً في مراقبة التاجر الفاسد المفسد؟!.

حين تكون الشعوب تحت الاحتلال، وحين يسهر المرابطون ليلهم في البرد القارس يراقبون العدو ويمنعون غدره، وحين تكون انتفاضة السكاكين في الخليل والقدس في أوجها، وحين تحمل المرأة والفتاة السكين لتدافع عن الوطن والأرض والدين، فإن جريمة الاتجار بالمخدرات تكون مضاعفة، ولا يجوز لهذا التاجر أو لغيره الاشتغال بتجارة المخدرات في أرض محتلة، لأن المخدرات ستغتال كل المعاني الوطنية الجميلة التي تبعث الحرية في الشعوب.

إن تاجر المخدرات هذا، في ظل المعاني والظروف آنفة الذكر ليس كغيره من تجار المخدرات في الدول المستقرة. جريمة هذا التاجر أكبر بكثير لأنها تغتال فكرة (التحرير) و(المقاومة)، كما تغتال وطنية الشاب الذي يشربها. 

في دولة الاحتلال تجارة مخدرات بنسب عالية تتجاوز الأراضي المحتلة، ولكن أكثر مبيعاتهم المربحة هي تلك التي يبيعونها للفلسطينيين تحت الاحتلال، لأنهم يضمنون بذلك مالًا وفيرًا، ويضمنون إتلاف شباب فلسطين واغتيالهم ، ويجعلونهم بمنأى عن المقاومة والكرامة؟! لذا عادة ما تربط أسئلة المحققين مع تجار المخدرات بين المخدرات والعمالة. وهذا أمر طبيعي. 

دولة الاحتلال التي ترسل لنا المخدرات، هي دولة الاحتلال التي اكتشفت بئر غاز جديدًا في مياه المتوسط، قبالة أرضنا المحتلة. الدولة التي تقاومها فتياتنا بالسكين تتقوى يوميًّا بالعلم، والاكتشافات، والصناعات العسكرية. وتاجر المخدرات يقتلنا يوميًّا ويغتال شبابنا بشكل صامت يوميًّا. فهل يمكن أن يستقيم لنا حال أو وطن وهذه المفارقة تحرقنا وتغتال أبناءنا؟!.