27.22°القدس
26.7°رام الله
26.08°الخليل
27.7°غزة
27.22° القدس
رام الله26.7°
الخليل26.08°
غزة27.7°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

النار من مستصغر الشَّرَر

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

تعلمنا في الصغر أن النار من مستصغر الشَّرَر. فهل ما جرى اليوم من إسقاط المقاتلات التركية للطائرة سيخوي (٢٤) الروسية هو من الشرر الذي يهدد بإشعال نار كبيرة في المنطقة؟!. ما حدث عرفناه, سقطت الطائرة فوق الأجواء التركية بحسب قواعد الاشتباك الدولية، وقتل أحد الطيارَين، وجارٍ البحث عن الآخر في منطقة حرجية وجبلية معقدة التضاريس. 

ما حدث عرفناه، وما لم يحدث نحاول أن نتعرف عليه ونستشرفه، وقد كان سؤال الاستشراف هو جوهر التغطية الإخبارية المباشرة للجزيرة وغيرها. لا أحد يملك إجابة قاطعة، وكل الإجابات تبني الاحتمالات على المعرفة بشخصية بوتين، وأردوغان، وعلى مصالح الطرفين المتبادلة، وعلى قوة روسيا، وعضوية تركيا في الناتو، وجوار تركيا لسوريا.

في خلفية ما جرى يجب استحضار ملف متكامل، يبدأ بعودة بوتين إلى الرئاسة ممتلئًا بمشاعر الإمبراطور الروسي القوي. الإمبراطور يحنُّ إلى الماضي. فقد بدأ حروبه الخارجية بضم شبه جزيرة القرم لروسيا باعتبارات تاريخية قديمة. ودعم الكتلة الأوكرانية الموالية لروسيا ضد حكومة كييف، ولم يبالِ بالعقوبات الغربية. 

ودخل الحرب في سوريا إلى جانب نظام الأسد دون تنسيق مع الناتو، وأميركا، وتركيا، تحت غطاء مكافحة "داعش" والإرهاب. وكثفت طائراته هجومها على مواقع المعارضة السورية وبالذات التي تصنف أوروبيًا بالمعتدلة، وكانت نسبة هجماته ضد "داعش" لا تزيد على ١٠٪ من مجموع الهجمات. 

قبل أيام معدودة فرضت البحرية الروسية على لبنان تغيير مسار الطائرات في مطار بيروت إجباريًّا، ما جعل حكومة لبنان مسخرة في الصحافة، وفرضت حظرًا جويًّا على كردستان العراق، وتوقفت المطارات عن العمل، بدون تنسيق مسبق، وقصفت بصواريخ كروز المجنحة من غواصات بحر قزوين سوريا مخترقةً أجواء دول أخرى. 

في المقابل كانت تركيا قد نبهت روسيا إلى ضرورة احترام السيادة التركية، وقالت تركيا إنها ترفض الاختراقات الجوية المتكررة، وستفعّل قواعد الاشتباك، وكانت المعارضة التركية قد "مسخرت" موقف أردوغان ووصفته بالجبن والخوف. حتى كان ما كان أمس من إسقاط الطائرة الروسية. 

في ضوء هذا الملف تجدر قراءة الموقفين الروسي والتركي، ويجدر أن نقف مليًّا عند قول بوتين في المؤتمر الصحفي مع ملك الأردن، بأن روسيا طُعنت من الخلف، وأن تركيا تشجع الإرهاب؟!, فهل غضبه ووصفه جاء بشكل استعراضي أمام الساحة الروسية الداخلية، أم أنه يقصد ما يقول، وبالتالي سنشهد أزمة في العلاقات مع تركيا؟!. 

تركيا تشعر أنها تملك الحق في تصرفها، وأنها تعاملت مع الطائرة بما يجب أن تتعامل به دولة ذات سيادة، وأنها تواصلت مع دول الناتو وأميركا فورًا لتفعيل الاتفاقيات المبرمة، والمسرح مفتوح على وساطات لاحتواء الحدث، ومفتوح أيضًا على التصعيد. ومن السابق لأوانه القطع بسيناريو محدد.

ولكننا نأمل أن يتم احتواء الغضب، والبحث عن حلول سياسية عادلة وسريعة للأزمة السورية، تسمح بخروج كل المقاتلين الأجانب، وكل الطائرات الأجنبية، لتعود سوريا لنفسها ولحكم أبنائها، حتى لا يتكرر حدث الطائرة الروسية، وتشتعل نار كبيرة ينتظرها سدنة النار بالزيت والبنزين. دعوا السوريين يحلوا مشاكلهم بأنفسهم.