27.77°القدس
27.18°رام الله
26.64°الخليل
27.49°غزة
27.77° القدس
رام الله27.18°
الخليل26.64°
غزة27.49°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

صفر كبير لجولة كيري

ايمن ابو ناهية
ايمن ابو ناهية
أيمن أبو ناهية

جولة ثانية في المنطقة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، عنوانها تحقيق في الأراضي الفلسطينية، وإنه في كل مرة يذكرنا بضبط النفس، وينسى أن الأمر متعلق بالطرف الذي يمتلك كل عوامل البطش والعربدة، فبدلًا من أن تلزم الإدارة الأمريكية (إسرائيل) بألا تتعدى على حقوق الشعب الفلسطيني، وتقر بحق تقرير مصيره وتنهي الاحتلال والحصار وتكف عن القتل والاعتقال والتهجير والإبعاد والنفي، وتلزمها عند حدها بعدم السماح لها بتهويد القدس والمساس بالمقدسات الإسلامية؛ تجمع بين الضحية والجلاد.

وإن الولايات المتحدة تقر بأنها لا ينبغي أن تتصرف منفردة في الصراعات الطويلة، وأصبحت تؤمن بالدبلوماسية الجماعية في إدارة الصراعات وحلها كما حصل في أزمة البرنامج النووي الإيراني، وكما هو حاصل في الأزمة السورية الآن، فإذا كانت الإدارة الأمريكية مؤمنة إلى هذا الحد بالدبلوماسية الجماعية؛ فلماذا لا توجد حلًّا من هذا القبيل للقضية الفلسطينية تنهي به الاحتلال الإسرائيلي؟!

أي تهدئة يريدها وزير الخارجية الأمريكي؟!، وقد أكد الفلسطينيون أن التهدئة التي يبحث عنها مرتبطة بحل جذري للمسألة الفلسطينية، وعدم معارضة قرار مجلس الأمن لوقف شامل للاستيطان، وعدم تهويد القدس والاعتداء على المسجد الأقصى الذي انطلقت الانتفاضة الثالثة من أجله، وقد قابلتها (إسرائيل) باعتقالات وإعدامات في الشوارع، وهدم بيوت، واحتجاز جثامين الشهداء، واستمرار الاستيطان، وهذا أكسب الفلسطينيين تعاطفًا دوليًّا، وأضعف موقف كيري في مهمته التي وصل البلاد من أجلها؛ فالوزير الأمريكي لم يحدث توازنًا في وقوفه على ضفتي الصراع، عندما طالب الفلسطينيين بوقف "العنف" ضد (إسرائيل) ولم يذكر جرائمها، وضرورة وقف الإعدامات وهدم البيوت والاعتقالات وارتكاب إرهابها باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لقد كثرت في المدة الأخيرة جولات وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة، وأصبحنا لا ندري ما الذي يريده تحديدًا من هذه الجولات، فالموقف الأمريكي الذي حمله كيري لا يعكس رغبة حقيقية لدى الولايات المتحدة بحل الصراع، بل شكل تراجعًا لالتزام الولايات المتحدة بالعهود التي قطعتها على نفسها والتزمت بتحقيق حل الدولتين، إذ أخذت الولايات المتحدة تفصل نفسها تدريجًا عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واتبعت نهجًا جديدًا في سياستها الخارجية، هي سياسة انسحاب إلى حد ما مع الإبقاء على بعض الخيوط بالإشراف الوهمي على عملية المفاوضات، خاصة أن جميع المؤشرات تدل على عدم جدية الإدارة الأمريكية في تحديد أولوياتها تجاه القضية الفلسطينية، وتصر على محاباة الكيان الإسرائيلي والانحياز الكامل له.

إن كل ما سمعناه من كيري هذه المرة والمرات السابقة هي دعوته إلى "استئناف المفاوضات"، ويا حسرتاه!، هو في واد ونتنياهو في وادٍ آخر، حيث يواصل تعنته ونشاطه الاستيطاني دون أن يحسب حسابًا لأحد ولا يكرم لكيري ولا لأوباما، علمًا بأن سكوت الإدارة الأمريكية عن سياسة نتنياهو هي التواطؤ بعينه.

فالمعطيات كافة تشير إلى أن ممارسة واشنطن ضغوطًا على حليفتها (إسرائيل) لجهة وقف الاستيطان أمر مستبعد على الأقل، في ظل المواقف السابقة التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: استخدام (فيتو) ضد قرار يدين المستوطنات والنشاط الاستيطاني، و(فيتو) آخر ضد الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة.

زيارة كيري إلى المنطقة أثبتت نتائجها أن جعبته كانت فارغة من أية حلول حيال الأوضاع التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتفاضة القدس المستمرة، وحلول ضائعة بالمدى المنظور هي بمنزلة صفر كبير، وإن أي طرح له سيكون فارغ المضمون فيما يسمى الآن الوقت الضائع لما تبقى من ولاية الرئيس باراك أوباما. 

وإذا كان الهدف المعلن لزيارة كيري للمنطقة هو وقف الانتفاضة الفلسطينية التي جاءت ردًّا على التصعيد الخطير الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي؛ فإن المطلوب من كيري علاج الأسباب الحقيقية لتصاعد التوتر، وفي مقدمتها السبب الرئيس، وهو استمرار الاحتلال الإسرائيلي بكل تجلياته وممارسته.