على خطى التقسيم البداية من فلسطين والنهاية تحددها مسيرة معارك في داحس والغبراء التي لم تنته فصولها بعد، حتى صار التفكير بلحظة حنين الى الوطن الام وذرف الدموع عليه حالة من الترف العاطفي.
وإذا كان العالم جعل هذا اليوم يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني الا انه وبعد كل هذا الوقت منذ تقسيم فلسطين العام 1947، فان أول ما يخطر للفلسطيني هو التأمل بالمسارات.. ما الذي حصل، وإلى أين أفضى الحال، الى أين وصلنا وما هو مصير اللاجئين الذين بات كثير منهم يبحث عن ملجأ جديد يحكي فيه قصته دون وجع؟.
هذه الصور المختلطة والمتناقضة التي يعجز العقل عن استيعابها، تعيدنا الى مربع مليء بعلامات الاستفهام، والكثير من الأسئلة المكررة والمجترة مئات المرات،عن وطن ضاع بلا سبب.. وآخر مزقه الطامعون دون عذر، ومستقبل مجهول لا تحمل ملامحه القريبة الا صورة الخراب والدمار والغربة.
قرار تقسيم فلسطين الذي بات حلما لرفاق العروبة والدم لم يكن الا الخطوة الاولى للمخطط الاغتصابي، وهو مشروع الصهيوني الكبير في المنطقة سياسيا واقتصاديا واحتلاليا.
الموافقة على التقسيم عنت فيما عنت اعترافا بالأضاليل والأساطير الصهيونية، وما يسمى بارض الميعاد «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وحق اليهود بالعودة إلى بلدهم والكثير من الترهات التضليلية الأخرى». والموافقة تعني نفيا واضحا لحقيقة التاريخ الفلسطيني وعروبة فلسطين الخالدة. تعني قبولا بالمشروع الصهيوني الطامع بكل مقرات الوطن العربية.
ورغم معرفتنا الجيده بهذا المخطط وإدراكنا التام لأبعاده ومراميه ورغم تنظيراتنا وتحليلاتنا اليومية والاسبوعية والشهرية عن الخطر الذي يقترب منا.. الا اننا لا زلنا نترقب نصرا من فوق السموات السبع، متناسين قوله عز وجل «إن تنصروا الله ينصركم».
فلسطين ليست نهاية الوجع ولكنها بكل تأكيد بداية الحكاية، لمشروع كبيرة متواصل منذ الازل والمدفوع بنزعة العدوان والاستعلاء، ونقطة انطلاق معركة بين الحق والباطل وبين القتيل وقاتله، وبين المغلوب على أمره والغالب.. هي معركة كل المظلومين.
وبما ان الحروب لا تبدأ مع الرصاصة الاولى، بل تسبقها بكثير، الاف الكلمات المشحونة بنزعة الانتقام ورفض للاقصاء والتبعية والاستحواذ، فان المعركة لن تنتهي بالاحتلال وقبول التقسيم، بل سيكون لها نهاية غير متوقعة، انطلقت بالحجر والسكين ولن تقف عند تلك الحدود.
بل ستنتصر الإرادة ﻻنها ارادة شباب فلسطين وثوارها.. إرادة من يقولون للعدو اننا اصحاب اﻻرض نرفض الركوع واﻻهانة ونرفض سماسرة العهر السياسي والمتاجرة بحقوق شعبنا... هؤلاء هم من يحددون نهاية المعركة.. البداية من فلسطين النهاية منها..