تكاد تكون جريمة حرق عائلة دوابشة من قبل المستوطنين في يوليو 2015 الجريمة الأكثر بروزاً منذ جريمة حرق الطفل محمد أبو خضير في يوليو 2014، على الرغم مما حدث قبلهما وبعدهما من جرائم، لكنهما كشفتا عن طبيعة الاحتلال الإسرائيلي ومنظومته الاجتماعية الإجرامية التي يمثلها المستوطنون المنتشرون في الضفة الغربية.
ما كُشف من معلومات عن أن عملاء "للشاباك" هم من يقفون خلف جريمة عائلة دوابشة ليس جديدًا على المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي تنظم عمليات اغتيال ممنهجة، وتمارس عمليات القتل في وَضح النهار, لكن الجديد أن الاحتلال حاول التملص من الجريمة تحت مبررات كثيرة.
هؤلاء المجرمون خرجوا من أجهزة المخابرات الإسرائيلية التي دربتهم وأهلتهم لارتكاب الجرائم، ووفرت الغطاء الأمني لهم في الضفة الغربية لقتل الفلسطينيين وملاحقتهم واعتقالهم، وبلغت ذروتها بجريمة حرق عائلة دوابشة, حيث أحرقت العائلة بالكامل ولم ينجُ منها سوى الطفل أحمد الذي ما زال شاهدًا على الجريمة.
ذئاب التلال هم مجموعات استيطانية تعمل ضمن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية, أطلقها السفاح أريئيل شارون رئيس وزراء الاحتلال, حينما شكل المجموعات الاستيطانية التي تعمل على احتلال التلال الفلسطينية وطرد المواطنين الفلسطينيين وحرق مزروعاتهم ومصادرة أراضيهم لصالح إقامة بؤر استيطانية وتسمين المستوطنات القائمة.
اليوم وصلت تلك المجموعات ذروة نشاطها بجريمة حرق عائلة دوابشة، وهي ثقافة يهودية صهيونية تعود لعام 1948، أُنشئ على أساسها الكيان العبري، الذي يمتص دماء الفلسطينيين ويستولي على أراضيهم، ويهجرهم منها تحت سطوة الجرائم التي يرتكبها بدءًا من مذبحة دير ياسين إلى قرية دوما حيث أُحرقت عائلة دوابشة.
يحاول الاحتلال ترميم صورته الدموية من خلال محاكمات شكلية تقوم بها المحاكم الإسرائيلية بحق قتلة الطفل محمد أبو خضير وكذلك بحق عملاء "الشاباك" في جريمة حرق عائلة دوابشة، لكن هناك صعوبة واضحة في ترميم تلك الصورة حتى تجاه المجتمع الإسرائيلي الذي أصبح يقر جزء منه بأن ذئاب التلال هم نتاج الثقافة الدموية التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي وترعاها الجهات الحكومية الرسمية.
الكشف عن المجرمين في جريمة حرق عائلة دوابشة, يؤكد أن خيار الفلسطينيين باتباع المقاومة كما يحدث في الانتفاضة الثالثة هو خيار صحيح وسليم نحو مواجهة الاحتلال وذئاب المستوطنين بما يضمن الحماية لهم، وفي مرحلة لاحقة طردُ المستوطنين من الضفة الغربية ووضع حد رادع لجرائمهم لضمان عدم تكرار الجرائم المذكورة والتي تأخذ أشكالًا مختلفة هذه الأيام.