13.64°القدس
13.38°رام الله
12.75°الخليل
18.86°غزة
13.64° القدس
رام الله13.38°
الخليل12.75°
غزة18.86°
الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
4.82جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.82
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.75

أوروبا ومنتجات المستعمرات

هشام منور
هشام منور
هشام منور

بدأ الاتحاد الأوروبي يسِم منتجات المستعمرات في الضفة الغربية والجولان السوري المحتلين مع مطلع الشهر الجاري، هذا القرار لا يلزم جميع الدول الأوروبية بطبيعة الحال، لكنه خطوة أوروبية مرحب بها، لأنها تعد مقاطعة للمستعمرات التي أنشئت على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، فإن هذه المستعمرات سوف تعد بعد ذلك غير شرعية وكل ما تنتجه، وستعرى أمام المجتمع الدولي، كيان الاحتلال شن هجومًا صاخبًا على الاتحاد الأوروبي، وعد هذا الإجراء مرفوضًا، يشجع "اللاسامية"، وقرر الرد بمقاطعة هذا الاتحاد بوقف الاتصالات السياسية معه.

القرار الأوروبي بمقاطعة منتجات المستعمرات جيد، لكنه إلى حد ما مبهم، أو غير واضح، فالقرار غير ملزم لجميع الدول، وهناك دول أوروبية أعلنت رفضها للقرار، وعدم تطبيقها له، وأن البضائع الإسرائيلية القادمة من المستعمرات ستبقى من دون وسم، وإن وسمت فإنها ستبقى معروضة للبيع، وعلى رفوف العديد من المتاجر والأسواق الكبيرة في المدن الأوروبية المختلفة. 

في السياق نفسه إن وسم المنتجات بأنها مصنعة في المستعمرات الإسرائيلية لا يعني سوى التعريف بمصدر صناعتها، لأن القانون الأوروبي يحتم ذلك ويشدد عليه، وعليه إنه لن يتوقف استيراد البضائع المنتجة في المستعمرات أوروبيًّا، فإن هذه البضائع سوف تصل إلى الأسواق الأوروبية، والضجة الإعلامية حولها هي بمنزلة دعاية لهذه المنتجات كي يتعرف إليها المستهلك، وكي تزداد مبيعاتها أكثر من مقاطعتها، إذ إن هناك من هم متعاطفون مع كيان الاحتلال، ولذلك إن وسم المنتجات الإسرائيلية قد يكون أفضل لتسويقها والترويج لها في أسواق أوروبا.

واقع الحال أن هذا القرار يساهم بصورة غير مباشرة في منح المستعمرات شرعية بعدم مقاطعة بضائعها، والوقوف إلى جانب الاحتلال ضده، وقد يظن بعضهم أن القرار أثار بصورة سلبية وجود هذه المستعمرات، ولكنه أيضًا أثاره بصورة إيجابية للجانب الإسرائيلي الذي استغله لشن حملات على الشعب الفلسطيني، والدول المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، ما أجبر بعض الدول على التراجع عن أي موقف ضد هذه المستعمرات.

هذا القرار سيؤدي إلى أن تسم المستعمرات شعار دولة الاحتلال على المنتجات وكتابة أنها "مصنوعة في دولة (إسرائيل)"، أي الضحك على القرار أو الالتفاف عليه، من دون أن ننسى أنه يمكن لهذه المستعمرات نقل مواقع الإنتاج إلى داخل فلسطين المحتلة عام 1948م، والتهرب من الوسم الأوروبي ووسم المستعمرات.

المقاطعة الأكاديمية للكيان العبري نظرًا إلى احتلاله الأراضي الفلسطينية، ووقف العديد من أساتذة الجامعات الأوروبية _وخاصة في بريطانيا_ بوضوح التعاون أو العمل مع نظرائهم في الجامعات الإسرائيلية، في احتجاج واضح على استمرار الاحتلال؛ أكثر فعالية بطبيعة الحال، وهناك العديد من الجامعات التي رفضت السماح بإقامة مهرجانات ونشاطات مؤيدة للكيان داخل أسوارها.

هذه المقاطعة الأكاديمية مقاطعة النخبة من المثقفين والكتاب والأساتذة والباحثين واضحة المعالم، ولذلك نجد أن الاحتلال يشن حملات مضادة لها، وشكل هيئة لمتابعة المقاطعة الأكاديمية، تقوم هذه الهيئة بحملات إعلامية لكسب ود ودعم وتعاون أساتذة جامعيين من جامعات عديدة في أوروبا وأميركا.

المقاطعة الفعالة لمنتجات المستعمرات تكمن في منع استيرادها وتسويقها في الأسواق الفلسطينية أولًا، ثم بعض الأسواق العربية التي تقيم حكوماتها معاهدات سلام مع كيان الاحتلال، وهذه الخطوة لها تأثيرها الكبير على الدخل الإسرائيلي، وإذا وسعت رقعة المقاطعة فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيواجه خسائر كبيرة، ولذلك إن الاحتلال فقد أعصابه نتيجة هذه المقاطعة، وبدأ باتخاذ إجراءات لمنعها وتفاديها حتى أنه سيسن قانونًا، أو على وشك التشريع، بمنع أي شخص من دخول أراضي الـ(48)، إذا شجع أو نادى بمقاطعة الكيان اقتصاديًّا أو أكاديميًّا أو ثقافيًّا.

خطوة أوروبا بالمقاطعة "الشكلية" لمنتجات المستعمرات على أهميتها وإثارتها للرأي العام بشأن عدم شرعية هذه المستعمرات تظل غير كافية، فالمطلوب هو أن تلعب دورًا أفضل وأكثر تأثيرًا، وهذا يكمن في أن يعترف الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية، ويسعى لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته وحقه في العيش على أرضه، والمطالبة بهدم هذه المستعمرات وإزالتها إذ لا يعترف بشرعية ما تنتجه من منتجات زراعية وصناعية ويعدها خارقة للقانون الدولي، أما أن يكتفي الاتحاد الأوروبي بخطوات خجولة وخائفة من رد فعل الاحتلال في كل مرة، متذرعًا بالخوف على مسار مفاوضات لم تعد قائمة أصلًا؛ فهذا لا ينبت كلأ ولا يفي غرضًا.