مليونية الأزهر الشريف أعادت للأزهر مكانته القيادية، وأعادت إلى الأقصى الشريف منزلته في ضمير الأمة العربية والإسلامية، مرت سنون في عهد مبارك الراحل ، والقطيعة بين الأقصى والأزهر قائمة ، فلا يكاد يتحرك الأزهر من أجل الأقصى رغم العدوان الصهيوني المتكرر على الأقصى وعلى المصلين فيه . اليوم نفض الأزهر أتربة نظام مبارك وتحرك بفطرة نظيفة نحو الأقصى ، فاستقبل مليون متظاهر على رأسهم العلماء، ورئيس وزراء فلسطين في خطوة هي الأولى من هذا المكان الذي رسم تاريخ مصر الحديث بقوة الإيمان والعلم. مليونية الأزهر ، وكذا حركة المدافعة اليومية التي يقودها شباب وشابات بيت المقدس ضد الانتهاكات المبرمجة، والتدنيس ، تكشف عن سؤال مهم يدور حول (الاستراتيجية) العربية والإسلامية من أجل تحرير الأقصى . الأقصى محاط برجال ونساء وتضحيات ، وهو مسيج بعواطف أمة عربية وإسلامية ، غير أن السؤال الحارق الذي يتردد رغم ردود الأفعال يدور حول (استراتيجية التحرير) . لقد هدفت رحلتا إسماعيل هنية الأولى والثانية إلى (استنهاض) الأمة العربية والإسلامية من أجل العمل للأقصى ، وقد شملت عملية الاستنهاض القادة والأمراء أصحاب القرار ، واستنهاض العلماء والفقهاء بصفتهم الجهة الأقدر على إعطاء القضية أبعادها الإسلامية لتجعل تجارة الأمة مع الله لا مع البشر ، واستنهاض رجال المجتمع المدني، ورجال الأعمال، وأهل الاقتصاد، باعتبار أن الاستثمار في الأقصى هو جوهر العمل المالي للمسلم الذي لا ينسى الآخرة . حيثما تنزل أو تتحرك تجد الأقصى يسكن في أفئدة الأمة وضميرها ، الأقصى يسترجع التاريخ الإسلامي المشرق ، ويستنهض الحاضر الذي تبدو فيه الأمة ضعيفة أمام الكيان الصهيوني ، وبين الحديث عن التاريخ والحديث عن الحاضر نسأل وبقوة ما هي استراتيجية التحرير، وهل يمتلك النظام العربي استراتيجية تحرير يمكن ترجمتها في برامج وأعمال مشتركة للأمة ، أم أن الموجود مؤسف لأنه لا يزيد عن عاطفة ، ووجدان منفعل ، يخفت بمرور الأيام ؟! في (إسرائيل) استراتيجية مبرمجة في برامج تهدف إلى بناء الهيكل في مكان المسجد ، وفي الطريق إلى الهدف يكون التدنيس ، ويكون تقسيم الباحات مكانياً وزمانياً بين (اليهود ـ والمسلمين ) ، وفي إطار هذا الهدف يمكن أن نقرأ كل الاحتكاكات المثيرة في ميدان الأقصى ؟!! في فلسطين ، وفي بلاد الأمة العربية والإسلامية ردود أفعال غاضبة تريح المشاعر، وتشعرك بأن الأمة حية ، كما حدث في مليونية الأزهر ، غير أن غياب الاستراتيجية القائمة على التحرير هو جوهر ضعف للأداء العربي والإسلامي . الأمة في حاجة إلى استراتيجية يضعها أصحاب القرار ، وينقحها العلماء ، وتنهض بها الشعوب ، وأصحاب المال، وهي استراتيجية تخضع لآليات عمل وتنفيذ تراكمي يتقدم بالتحرير خطوة خطوة ، نحن لا نريد فضح (إسرائيل) ، أو عزل (إسرائيل) في المجتمع الدولي، فهذه خطوة يقف عندها الضعفاء ممن لا يفكرون في التحرير، وممن يهربون من ضريبة استراتيجية التحرير، نعم كانت مليونية جيدة رائعة هي الأولى ، ولكن استراتيجية التحرير لم تتقدم نحو الأمام خطوة ..
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.