20.57°القدس
20.22°رام الله
19.42°الخليل
25.05°غزة
20.57° القدس
رام الله20.22°
الخليل19.42°
غزة25.05°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

في ذكرى الانطلاقة.. حركة عملاقة

إيهاب قعدان
إيهاب قعدان
إيهاب قعدان

عندما أنظر لصورة فوتوغرافية لا بد من التمعن بذكرياتها القديمة وتاريخها العريق قبل تخزينها في الألبوم. 
وعندما تصفحت الماضي القريب وجدت الذاكرة تحتوي على صورة لحركة إسلامية تسمى حماس, قريبة في صفاتها من المربع وأضلاعه المتوازية وزواياه المتشابهة, فهي تحفة وطنية شعبية تراثية ومستقبلية, أعطت في ذكرياتها مشهدًا ناصع الجمال. 

وقبل البداية أعترف بأنني لست من الذين يقيّمون الأشخاص وأفعالهم, ولو فُرض عليّ ذلك, فلا أستطيع المساواة بين من يملك أدوات التنقل من مكان لآخر من مال وسيارة وخارطة إرشادية وبين فاقد الحرية مكبل مسجون ومنهك لا يملك أبسط الأدوات للمقارنة.

ورغم ذلك استطاعت بريشتها الفنية المغموسة بقواعد القرآن رسم لوحة أبهرت العالم أجمع. 

ويظهر ذلك عند تمحيص النظر في الزوايا الأربع كل على حدة، فالزاوية العليا كتبت بأحرف من نور في حب الوطن والشعب, فقدمت التضحيات بدأت من القادة العظام وأبنائهم لتستمر لأصغر فرد, وعلى الرغم من صغر سنهم على الورق إلا أنهم كبار في المواقف والمسؤوليات. 

خرّجوا الآلاف من حفظة كتاب الله، وقدّموا المساعدات الإنسانية لكافة أبناء الشعب من خلال جمعياتها الخيرية وساعدت في تلاحم العائلات بتقديمها برامج الزواج الجماعي, ونجحت في إخراج مئات الأسرى والمعتقلين من شتى المنابت والأصول الحزبية بصفقة الأحرار الأولى من نوعها, والتي يقال بأنها ستتكرر قريبًا في صفقة جديدة تشمل كبار قادة فلسطين وأصحاب الأحكام المؤبدة العالية. 

كما أنها استطاعت تحويل ما دمره الاحتلال الغاشم لمِهن يستطيع من خلالها الفرد تجميع المواد القابلة للتدوير واكتشاف طرق جديدة للبناء. 

كما نظمت إجراءات توظيف جديدة تعتمد على الكفاءة العلمية والعملية خاصة في قطاع غزة, وتساند حاليًا الانتفاضة الثالثة المباركة بكل ما أوتيت من قوة لتبدأ رحلتها لإنهاء معاناة شعبها. 

والزاوية الأخرى توضح علاقتها بالسلطة, لترى وضعًا يشبه برنامج الاتجاه المعاكس بين طرفين مختلفين بالهدف, ولكن بحنكتها المشهودة استطاعت المحافظة على ثوابتها بحق عودة اللاجئين وحماية المقاومة وتطويرها لتصل من تصنيع الرصاص الصغير لصاروخ بعيد المدى وتشكيل فرق حربية بحرية وفرق حماية جوية ووحدات هندسة وأنفاق, وجعلت العدو يتخبط في تصريحاته بإمكانية وجود بنادق متطورة عالية الدقة. 

ولم تنتهِ الحركة بحماية وتطوير الثوابت بل بادرت بإيجاد نقاط مشتركة مع الاتجاه الآخر المغاير بجاهزيتها لعمل انتخابات تشريعية ورئاسية. 

وفعلًا كانت نقطة الانطلاق لذلك الاتفاق أن تنازلت عن رئاستها للحكومة التي استمرت سنوات, وأبدت الاستعداد لتسليم المعابر ضمن إجراءات توافقية, وبدأت بتحويل فكر الكتائب لجيش تحرير فلسطيني احترامًا وتقديرًا لمن سبقوهم في النضال, والمسير على طريق النصر والتمكين, أما المشرق في الزاوية قبل الأخيرة, ظهرت بنشر قضيتها لآخر المعمورة لتحصد نتائج إيجابية بتوقف اتصالات وتعامل بعض الدول مع العدو الغاشم, فضعفت علاقات الأخيرة مع بريطانيا وماليزيا واليونان مع تسيير بعض الدول كتركيا أساطيل الحرية. 

واستطاعت حماس تدويل القضية الفلسطينية لتصبح من أولَى اهتمامات المسلم في كل شارع مع تعاطف الدول الأوروبية وشعوبها المطالبة بالحرية للشعب المظلوم ومحاكمة المجرمين من العدو الظالم. 

كما استطاعوا الوصول لدول أمريكا اللاتينية والتأثير عليهم بإيصال الواقع المرير, لتبدي تلك الدول تعاطفها واتخاذ إجراءات عملية بتخفيف الدبلوماسية وتصريحات مضادة من قادة البرازيل وبوليفيا والإكوادور والأورغواي ضد الكيان الغاصب؛ أدت إلى تجميد اتفاقيات وسحب سفراء وفتور العلاقات. 

وكان وما زال هدف العملاق عدم إغلاق ملف القضية على حساب أي دولة عربية. 

ونجحت بأعمالها الخالصة لله تعالى في أن تخرج من حكم القضاء الأوروبي بأنها منظمة إرهابية, لتبدأ الدبلوماسية المباشرة وغير المباشرة بإرسال الوفود والمستشارين للتفاوض وتقديم دعوات للزيارة لدول لها مكانة في الخمس الدائمة العضوية "روسيا" بالإضافة لدول النمور كـ"ماليزيا", ولتكتمل اللوحة لا بد من النظر للزاوية الأخيرة, لتظهر لنا القوة التي تمتلكها لتصبح قادرة على تحمل مسؤولية دولة فلسطين باعتراف العدو، فهي استطاعت اختراق أجهزة الاتصال المرئي والمسموع وقدرتها على التحكم بأي معركة إعلاميًا من خلال شاشاتها التي تعد الأولى على مستوى المشاهدة في الشرق الأوسط, والتحكم بوسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها على إزعاج قد يصل لكلمة سيطرة بحرًا وجوًا وبرًا, وإسقاط طائرات استطلاع, وقنص الجنود كالبط, واعتراف أخير باستهداف حقول الغاز في الداخل الفلسطيني. 

فهم الشجعان كما وصفهم رئيس أركانهم المزعوم, ورغبة نتنياهو أن يكون من حماس لو كان فلسطينيًا. 
تلك الصورة الفوتوغرافية تبشر بحركة متكاملة الأركان لها من التاريخ العريق والإستراتيجة الحديثة واضحة المعالم لتحرير الأرض والعباد على الرغم من صعوبة الأحداث. 

كل عام وهي للنصر والحق أقرب