كتب أكاديمي وإعلامي فلسطيني مقالاً يحذر فيه من "إقحام" الدين في انتفاضة القدس قائلا: إن ما نخشاه ونحذر منه أن يكون تركيز بعض القوى على البعد الديني للانتفاضة والصراع إنما محاولة منها لإخفاء عدائها للبعد الوطني ومحاولة توظيف الانتفاضة لنشر أيديولوجيتها ومناكفة القوى الوطنية والسلطة الفلسطينية، دون أن تكون معنية بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. من جانب آخر حذر د. صائب عريقات " اسرائيل" من ان البديل عن الفلسطيني المعتدل هو الفلسطيني الداعشي، وكثيرا ما نسمع تحذيرات من قادة فلسطينيين الى عدم تحويل الصراع القائم مع المحتل الاسرائيلي الى صراع ديني.
الامثلة السابقة تظهر مزيجا من التناقضات والكثير من التخبط بهدف تضليل الفلسطيني وتخويف الاسرائيلي وارضاء الغربي، فمن وجهة نظر د.عريقات فإن الفلسطيني المعتدل هو من يفاوض ويقدم تنازلات للعدو من اجل دويلة على ربع الوطن والبديل عنه هو الداعشي المتطرف، والحقيقة ان المنافس للتيار الوطني هو فقط التيار الاسلامي المعتدل الذي تمثله على سبيل المثال لا الحصر حركتا حماس والجهاد الاسلامي، وهو الخيار الاسلامي الذي تؤمن به الغالبية العظمى من شعبنا الفلسطيني وحتى المنتمون الى احزاب وطنية مثل فتح التي ينتمي اليها د.صائب عريقات، ولكن التخويف من داعش والحركات المتطرفة مثل القاعدة اصبح وسيلة للتيارات الوطنية والعلمانية في العالم العربي من اجل تخويف الغرب او خداعه والاستقواء به على التيارات الاسلامية المعتدلة التي وصلت الى الحكم بطريقة ديمقراطية، ولا نقول هنا ان صائب عريقات يحاول الاستقواء بالغرب وانما يحاول تخويف اسرائيل من شيء تعلم حقيقته ولا تخافه لا اكثر.
انتفاضة القدس هي انتفاضة شعب مسلم احتلت ارضه وقدسه التي باركها الله وما حولها، احتلها اليهود على أنها ارضهم التي وعدهم الله بها واسموها " اسرائيل" ويدعون بوجود هيكلهم المقدس ويريدونها دولة يهودية، اذن هي حرب دينية بامتياز، وليس صراعا على مجرد قطعة ارض يمكن تقاسمها، والدفاع عن القدس باعتبارها مقدسا اسلاميا ليس فيه أي اقحام للدين بل الدين هو الدافع الاساسي للدفاع عنها ومن اجل قدسيتها يقف الى جانبنا العالمان العربي والاسلامي بغض النظر عن الاسباب التي تمنع الشعوب العربية والاسلامية الان من العمل كما يجب لتحرير فلسطين، ولكن ليس كما يقول الكاتب العلماني بأن التفافهم حول قضيتنا بسبب عدالة قضيتنا، فهذا محض تضليل وتحريف للحقائق.
ولكن يبقى ان نسأل حضرة الاكاديمي العلماني؛ ما هي مظاهر اقحام الدين في انتفاضة القدس؟ هل هو التكبير عند رمي اليهود بالحجارة او طعنهم بالسكين؟ هل هو وصف من يرتقون برصاص الاحتلال " شهداء" ؟ ام استخدام آيات القرآن لتحريض المسلمين على قتال اليهود ؟؟تلك المظاهر لا تقتصر على فصيل دون آخر، ورصاص المحتل لا يفرق بين حمساوي وفتحاوي حتى يفرقنا الانتماء السياسي في الميدان، فكل الذين يرتقون الى العلا برصاص المحتل هم شهداء _نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله احدا_ ولكن اتركوا انتفاضة القدس تمضي لتحقيق غاياتها ودعوكم من تلك المحاولات المشبوهة لتشويه الانتفاضة وتفريق الصف الداخلي.
