20.57°القدس
20.22°رام الله
19.42°الخليل
25.05°غزة
20.57° القدس
رام الله20.22°
الخليل19.42°
غزة25.05°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

متدين على رأس الموساد

صالح الننعامة
صالح الننعامة
صالح النعامي

 أدركت مرجعيات التيار الديني الصهيوني أن عوائد اختراق المتدينين للجيش والمؤسسات الأمنية والاستخبارية لا تمنح هذا التيار فقط القدرة على التأثير على دائرة صنع القرار أثناء الخدمة العسكرية، بل تمكنه من التأثير على الحلبة السياسية الداخلية، حيث إن الأحزاب السياسية في «إسرائيل» تتنافس على استقطاب الجنرالات المتقاعدين لـ « تطعيم « قوائم مرشحيها للانتخابات بهم، فيصبح هؤلاء نواباً في الكنيست ووزراء في الحكومة، علاوة على أن الكيان يمنح الجنرالات المتقاعدين الأولوية لرئاسة الشركات الحكومية وشبه الحكومية وشغل الشواغر في السلك الدبلوماسي، وهذا يشكل مصدراً هائلاً للتأثير على دوائر صنع القرار في الكيان. 

ومن المؤكد أنه لم يكن للتيار الديني الصهيوني أن يحقق ما حقق لولا أن النظام السياسي الإسرائيلي يسمح له بذلك. ففي الوقت الذي تحذر العالم من صعود الإسلاميين وتوليهم مقاليد الأمور في العالمين العربي والإسلامي، فإن «إسرائيل» تحرص على الدفع بغلاة المتطرفين من المتدينين لتبوؤ المواقع القيادية في جيشها وأجهزتها الأمنية. ولم يكن من سبيل الصدفة أن يعين رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو مؤخراً الجنرال المتدين يوسي كوهين رئيساً لجهاز الاستخبارات والمهام الخاصة «الموساد» كخطوة إضافية تعكس تغلغل المتدينين الصهاينة في سلم الهيئات القيادية في الجيش والأجهزة الأمنية.

وعلى الرغم من أن كوهين لا يعتمر القبعة الدينية بسبب طابع عمله الاستخباري في الخارج، إلا أنه معروف بتطرفه الديني، حيث تلقى تعليمه في مدرسة «أور تسيون» الدينية، التي يديرها الحاخام حاييم دروكمان، أحد أبرز المرجعيات الدينية اليهودية وأكثرها تطرفاً.ويحرص كوهين على القاء المحاضرات أمام طلاب مدرسة «أور تسيون» علاوة على تصميمه على تلقي «النصائح» من الحاخام دروكمان بين الفينة والأخرى. وقد جاء تعيين كوهين بعد أسبوع على مراسم تعيين المتدين الجنرال روني إلشيخ قائداً للشرطة، حيث كان نائباً لرئيس المخابرات الداخلية «الشاباك».وقد تباهى إلشيخ في كلمته في حفل التعيين أن أكثر شخص أثر عليه هي الحاخامة كرميت غيرمان، التي كانت تدير المدرسة الدينية التي كان يدرس فيها في طفولته.وقد اشتهر إلشيخ بـ «إبتكاراته» في مجال طرائق تعذيب الأسرى الفلسطينيين من أجل نزع الاعترافات منهم.وقد ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة إن إلشيخ يعكف على زيارة الحاخام شمؤويل ليسكبند، الذي يقود إحدى الجماعات المتطرفة لتلقي النصح والإرشاد. وإلى كوهين وإلشيخ، فأن يورام كوهين رئيس جهاز «الشاباك» هو أيضاً متدين صهيوني، معروف بعلاقاته الوثيقة مع الحاخامات. 

وفي «إسرائيل» يؤكدون أن بنيامين نتنياهو ينوي تعيين جنرال متدين من داخل الشاباك خلفاً ليورام كوهين الذي سينهي أعماله بعد شهر. ويذكر أن الصحافي أمير أورن قد كشف في تحقيق نشرته صحيفة «هارتس» في عددها الصادر بتاريخ 12-5-2014 أن معظم قادة المناطق في «الشاباك» من المتديين الصهاينة. وإن كان هذا لا يكفي، فقد كشف النقاب مؤخراً أن المتدينين الصهاينة يشكلون حوالي 40% من الضباط القتاليين في الجيش على الرغم من أن تمثيل التيار الصهيوني لا يتجاوز 10% من تعداد المستوطنين.

وقد كان استغل المتدينون تحولات اجتماعية واقتصادية أفضت إلى تراجع دافعية العلمانيين للانضمام للوحدات القتالية، وعملوا على ملء الفراغ وتحقيق الانجازات التي لم يحلموا بها. فقد أدت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها «إسرائيل» منتصف الثمانينيات من القرن الماضي إلى تعزيز مظاهر النزوع لتغليب المصحلة الشخصية والفردية على المصلحة العامة لدى القطاعات العلمانية، وهو ما وجد تأثيره في تراجع كبير ومتواصل في دافعية الشباب العلماني للانخراط في الواحدات المقاتلة. ورافق ذلك كله تراجع كبير طرأ على منظومة القيم الإسرائيلية في نسختها العلمانية، حيث لم يعد من المسلم به تحمل تبعات التضحية من أجل الدولة وتكبد آلام الثكل، وغيرها من القيم. ومما لا شك فيه أن ترك العلمانيين المسارات القيادية في الجيش قد ترك فراغاً سارع أتباع التيار الديني الصهيوني لسده، وهو ما لاقى ترحيباً شديداً من قبل المستوى السياسي وهيئة أركان الجيش التي كان على رأس أولياتها العمل على سد النقص الكبير في عدد الشباب المتطوعين للخدمة في الوحدات الميدانية المقاتلة التي تضطلع بالأعباء القتالية.

وقد اعتبرت المرجعيات الدينية أن التغلغل في الجيش وتبوء المواقع القيادية فيه سيؤدي إلى تمكين التيار الديني من التأثير بشكل كبير على دائرة صنع القرار في «إسرائيل» بشكل يخدم التوجهات العقائدية لهذا التيار. من هنا فقد حثت المرجعيات الدينية أتباعها على الانخراط في الوحدات القتالية تحديداً؛ لأنها تدرك أن السيطرة على المواقع القيادية في الجيش يمنح هذا التيار القدرة على التأثير على المجتمع.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تقيم «إسرائيل» الدنيا في تحذيرها العالم من «خطورة» وصول الإسلاميين لمواقع التأثير في العالمين العربي والإسلامي، وتسمح لأكثر متطرفيها عنصرية بالتحكم في أهم الأجهزة الأمنية والاستخبارية؟!