20.55°القدس
20.32°رام الله
19.42°الخليل
26.41°غزة
20.55° القدس
رام الله20.32°
الخليل19.42°
غزة26.41°
الأحد 01 سبتمبر 2024
4.77جنيه إسترليني
5.12دينار أردني
0.07جنيه مصري
4.02يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.12
جنيه مصري0.07
يورو4.02
دولار أمريكي3.63

مع انعدام الدعم الرسمي

تقرير: أطفال "التوحد" في غزة بين صعوبات التأهيل وألم الأهالي

12366742_1049728865078749_1446405505_n
12366742_1049728865078749_1446405505_n
خاص - فلسطين الآن

لا يتوقف الطفل علي عن الضحك المفاجئ الذي يصاحبه الصراخ، كما أنه لا يكترث لمن يتحدث إليه أو يداعبه، يتقوقع في عالم خاص به بعيد عن المحيط الذي يجلس فيه.

علي ابن (3 أعوام) يعاني من اضطراب "التوحد"، حيث يفضل الجلوس وحده ولا يحاول الاختلاط بالآخرين، كما أنه عاجر عن النطق حتى اللحظة، ويرفض التواصل السمعي مع أي شخص يحاول أن يخترق عالمه.

تجلس والدة الطفل علي بالساعات على محركات البحث الإلكتروني على الإنترنت، علًها تجد من الدراسات أو الأبحاث الحديثة التي يمكن من خلالها معالجة ابنها.

ورغم إشراكها في مؤسسة متخصصة لعلاج ابنها في مدينة غزة، وطمأنة هذه المؤسسة لها أن طفلها لديه أبسط أنواع التوحد أو ما يسمى بـ"طيف التوحد" إلا أن القلق يصاحبها في كل لحظة.

وتقول "أم علي" وهي خريجة جامعية، لوكالة "فلسطين الآن": " لم أكن أتقبل في البداية فكرة أن ابني مصاب بهذا الاضطراب، لكن مع المدة وأقرانه بدءوا بالكلام والتركيز ومع افتقار ابني لذلك، بدأت أبحث عن اكتشاف الحالة ومحاولة علاجها وهو ما استدليت عليه من خلال إحدى رفيقاتي للذهاب لإحدى المؤسسات المعالجة لحالة ابني".

وأضافت" الآن أنا متيقنة من إصابة ابني، وما يقلقني أننا تائهون بين كلام الأطباء وبين كلام الأخصائيين، فقطاع غزة ووفق كل ما شهدناه يعاني نقصا في إمكانية علاج من هم في حالة ابني، سواء من الجانب النفسي أو الطبي".

وتابعت والدة الطفل: " وضعت علي في روضة سنابل الخاصة، وتعاملهم معه كان له ردة فعل إيجابية عليه، لكن ما يزيد قلقي هو ثبات ذلك التحسن عند مرحلة معينة والوقت يمر، واستذكاري لكلام الأطباء غير المطمئن، والحالة الصحية التي يعاني منها قطاع غزة، فنحن لسنا كدول أوروبا ولا تعاملنا مع الأطفال كتعاملهم، ولا إمكاناتنا كإمكاناتهم".

انعدام الدعم الرسمي لـ"التوحد"

كلام والدة الطفل علي، أكدته لوكالة "فلسطين الآن" رئيس مجلس إدارة جمعية الرعاية والارتقاء الفلسطينية "فجر" الخاصة، أمل الخضري، والتي ترعى مؤسستها من لديهم اضطراب "التوحد"، عبر روضة "سنابل الخاصة"، حيث أكدت أن مجهوداتهم تعتمد على الخبرات والجهود الشخصية ورسوم اهالي الأطفال المشتركين لدى المؤسسة.

وقالت الخضري: " للأسف نحن وكافة المؤسسات العاملة في قطاع غزة في مجال علاج التوحد، لا نتلقى دعما رسميا سواء من الناحية المادية أو المعنوية، والمحاولات الرسمية بدأت مؤخرا وخجولة جدا مع أن المرض أصبح موجودا وواقعا ملموسا في قطاع غزة".

وأوضحت الخضري أنهم يقومون بتدبير الأمور العلاجية النفسية للأطفال من خلال جهود المختصين الذاتية، حيث يعتمد المختص على تكوين أساليب العلاج من مواد خام كالكرتون والصمغ وغيرها لإيصال أفكار عبر الرسم والمجسمات للأطفال المصابين.

وأكدت أن مؤسسات علاج "التوحد" في قطاع غزة لديها الكادر البشري المؤهل والقادر على علاج الأطفال، مشددة على أن الكادر الموجود يضاهي من هم في دول أوروبا إلا أن الإمكانات المادية والدعم الرسمي مفقود ويكاد يصل للصفر.

اضطراب التوحد

ويعرف الإخصائيون "التوحد على أنه نوع من الاضطرابات التطورية (النمائية) والذي يظهر خلال السنوات الثلاث الأولى لدى الطفل، حيث ينتج عن هذا الاضطراب خلل في الجهاز العصبي يؤثر بدوره على وظائف المخ وبالتالي يؤثر على مختلف نواحي النمو.

ووفق الأخصائيين فإن ذلك يؤدي إلى قصور في التفاعل الاجتماعي لدى الطفل، وقصور في الاتصال سواء أكان لفظيا أو غير لفظي، إضافة إلى روتينية ومحدودية النشاطات والاهتمامات لديه.

ولم يصل العلم الحديث حتى اللحظة لسبب حقيقي ورئيس وواضح لاضطراب "التوحد"، لكن الكثير من الأبحاث وجدت تغيرات بيولوجية وعصبية في المخ مصاحبة لـ"الاضطراب".

ووفق المختصين فإنه لا علاج شافي وتام لمرض التوحد، لافتين إلى أن التدخل المبكر للطفل له آثار إيجابية كثيرة ويساعد على التطور، مبينين أن العلاج الوحيد الفعال لـ"التوحد" هو العلاج السلوكي وليس عن طريق العقاقير الطبية.

الشئون الاجتماعية تلوم الصحة

من جانبه حمل غسان فلفل، مدير دائرة تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، في وزارة الشؤون الاجتماعية بغزة خلال حديثة لوكالة "فلسطين الآن" وزارة الصحة المسئولية في تأخر الدعم الرسمي للمصابين باضطراب التوحد.

وقال فلفل: " وزارة الصحة لم تشخص المرض بشكل واضح، لم تعطني توصيفا واضحا لاضطراب التوحد، إن كان مرضا عضويا أم مرضا نفسيا".

وأضاف فلفل:" حتى أتمكن من تقديم الدعم الكامل للأطفال المصابين، يجب أن يكون هناك توضيح للحالة المرضية وماهية الدعم اللازم للمؤسسات حتى نقوم بذلك، مثل نوع الإعاقة ومتطلبات كل إعاقة، حتى نتواصل مع مؤسسات المجتمع المحلي".

وأوضح أن "التوحد" ورغم تأخر وزارة الصحة في تشخيصه وتوصيفه، إلا أنه موجود ضمن خطط وزارة الشئون الاجتماعية للعام 2016، لنعمل على التعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي وتقديم الدعم لهم.

حملات توعوية في القطاع

وفي حوار أجرته وكالة "فلسطين الآن" مع مروان البنا أخصائي تشخيص وتأهيل أطفال التوحد في قطاع غزة، أكد أنه لا إحصائية رسمية حتى اللحظة في القطاع عن عدد أطفال التوحد.

واستدرك البنا، أن وفق آخر دراسة أمريكية في هذا المجال فإن كل 200 طفل حول العالم بينهم مصاب بهذا الاضطراب، وقال: "وإذا طبقنا الدراسة على قطاع غزة، فإنه حسب تعداد السكان يصل المصابون لأكثر من 2000 طفل، إلا أننا لم نصل إلا لـ500 ونيف حتى الآن، وهو ما يطرح سؤالا مهما، أين بقية الأطفال الباقين".

وأوضح أن الأخصائيين يعانون مع الأهالي في تقبل أن ابنهم مصاب بهذا النوع من الاضطراب، مشددا على ضرورة أن يتم العلاج المبكر لمثل هذه الحالات ليتم علاجهم بسهولة أكبر ويتطوروا سلوكيا بشكل أكبر.

ولفت إلى أنهم في الجمعيات العاملة في هذا المجال في قطاع غزة، يعملون بالتعاون مؤخرا مع وزارة الصحة والتعليم من أجل توعية أولياء الأمور بهذا المرض وكيفية اكتشافه وملاحظة آثاره على أطفالهم.

وبين أنهم قاموا بعمل نشرات وندوات لأولياء الأمور والأخصائيين وفي رياض الأطفال، من أجل إيصال التوعية اللازمة عن الاضطراب لأكبر قدر ممكن من الناس..

وقال: "من سمات التوحد، الرفرفة والتواصل البصري والسمعي معدوم، الإحساس معدوم واللغة أحيانا معدومة، المشي على أطراف الأصابع والاهتزاز".

وأضاف البنا: "في المقابل بعد ملاحظة الأعراض يبدأ عمل اختبارات خاصة بالتوحد لمعرفة مستواها لديه سواء بسيط أو متوسط أو معقد، وهنا أحتاج لأخصائيين نفسيين وتربية خاصة، وأخصائي علاج طبيعي وتدخل مبكر، لتشخيص الطفل، وبعدها نقوم بخطة علاجية خاصة لكل طفل لإنماء مهاراته مع حضور الأهل لتدريبهم عل كيفية التعامل مع الطفل".

واشتكى البنا قلة الدعم الحكومي، وقال: "الجهات العاملة في مجال التوحد بينها شبكة تحويلات لعلاج المرضى، لكن مع المؤسسات الحكومية فلا، وكل ما قدمته الجهات الحكومية وعود نأمل في تطبيقها على أرض الواقع".