20.57°القدس
20.22°رام الله
19.42°الخليل
25.05°غزة
20.57° القدس
رام الله20.22°
الخليل19.42°
غزة25.05°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

عن حملات التضامن والتبرّع

لمى خاطر
لمى خاطر
لمى خاطر

كانت مبادرة تستحق التقدير والاحترام الكبيرين تلك التي أطلقتها اللجنة الشعبية لإعمار منازل الأحرار في مدينة نابلس لجمع تبرعات من الجمهور الفلسطيني بهدف مساعدة العائلات التي هدم الاحتلال منازلها مؤخراً على خلفية تنفيذ أبنائها عمليات مقاومة ضد الاحتلال.

ولعلّ شعبية هذه المبادرات وعدم تأطيرها هما أهم أسباب نجاحها، خصوصاً في ظل الملاحقة والمصادرة التي تطال أموال المساعدات التي تقدّمها فصائل المقاومة للمتضررين أو الأسرى أو ذوي الشهداء، ذلك أن كلاً من السلطة والاحتلال تتعاملان مع هذه الأموال على أنها أموال لدعم (الإرهاب) فتصادرها وتعتقل من يقدّمها أو من يستفيد منها.

في المقابل، فإن عدم تحمّل السلطة ومؤسساتها الرسمية لمسؤولياتها تجاه العائلات المتضررة من الاحتلال يجعل المردود المادي لتلك الحملات متواضعاً مقارنةً مع المطلوب، لا سيما أننا نتحدث عن عدد من العائلات مرشح باستمرار للزيادة في ظل استمرار الانتفاضة وعملياتها البطولية، فالضفة الغربية لا تعاني أزمة سكن بشكل عام، فهناك وفرة في المنازل الفارغة، غير أن أثمانها مرتفعة للغاية، وهو ما يتطلب جهوداً أوسع وسيولةً مادية أكبر لإسكان العائلات في منازل جديدة، وهو أقل الواجب الذي ينبغي تقديمه لمن تقدم أبناؤهم صفوف المواجهة الأولى وحملوا عبء التضحية والمقاومة.

الأمر ذاته ينطبق على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وعلى الشركات والمصانع الفلسطينية الكبرى، إذ بإمكانها تقديم الكثير في هذا المجال، لكن دورها ما يزال غير مرئي، وهناك من يخشى من تبعات إسهامه المادي على مصالحه وامتيازاته، رغم أنها شركات تعرّف نفسها بأنها وطنية، وكثيراً ما تستثمر المشاعر الوطنية لمضاعفة أرباحها واستقطاب الجمهور الفلسطيني لمنتجاتها، في ظل الدعوة لحملات المقاطعة للبضائع الصهيونية بمختلف أشكالها، فالمؤسسة الوطنية لا ينبغي أن تأخذ فقط وأن تستفيد من حملات المقاطعة بلا مقابل، بل إن هناك واجباً وطنياً كبيراً عليها أن تؤديه خاصة في مثل هذه المرحلة.

وفي كل الأحوال، فإن الرسالة التضامنية السامية لحملات التبرع الشعبية لا تقل عن رسالة الدعم المادي المطلوب والملحّ، فكلاهما يمثلان أسمى درجات المواساة والمساندة للعائلات المكلومة التي يصرّ الاحتلال على تدفيعها ثمناً غالياً لقاء مقاومة أبنائها، وعلى جعلها عبرةً ورادعاً لكل من يفكّر بالمقاومة.

وحين يصل الاحتلال إلى قناعة بأن سياسة هدم منازل منفذي العمليات لن تجدي نفعاً بفعل تكاتف المجتمع ومؤازرته للعائلات التي يتم هدم منازلها فلا شكّ بأنه سيكفّ عن هذه السياسة، لكن الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب المزيد من الجهود النوعية والسريعة في هذا الإطار، كما حدث مؤخراً في القدس ونابلس، وحينها يمكن القول إن المجتمع الفلسطينية سجّل حالة ريادة تضامنية وساهم في ردع سياسات الاحتلال، حتى لو لم يتطلب ذلك منه حمل السلاح، فالجهاد بالمال اقترن في كثير من آيات القرآن الكريم بالجهاد بالنفس، وذلك لأهميته ومركزية دوره في المعارك وحالات المواجهة.