ثلاثة خيارات أمام حزب الله للرد على الجريمة الإسرائيلية بحق الأسير المحرر سمير القنطار، قد يكون أهونها الذي تتوقعه (إسرائيل)، وتحدثت عنه مراسلة جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي سيكتفي بالتأكيد على حق حزب الله في الرد، وفي اختبار الزمان والمكان المناسبين لذلك.
هذا الخيار سيفقد حزب الله هيبته، وستتراجع مصداقيته في أوساط اللبنانيين أنفسهم، وسيشجع الموساد الإسرائيلي على المزيد من عمليات تصفية الحساب ضد رجال حزب الله.
أما الخيار الثاني الذي يتوقعه المراقبون والمحللون السياسيون في (إسرائيل)؛ فيعتمد على الرد المحدود في مزارع شبعا، وقد تحسّب الجيش لذلك، فأصدر تعليماته إلى جنوده بأخذ أقصى درجات الحذر، وتجنب كمائن حزب الله.
الخيار الثاني غير مضمون النتائج، وقد يتطور دون إرادة الطرفين، ومن خلال ردة الفعل ليصل إلى الخيار الثالث، وهو خيار المواجهة الشاملة، مع تشريع الأبواب على كل الاحتمالات، وأزعم أن هذا الخيار قد يوفر الفرصة الملائمة لحزب الله ليسترد مكانته لدى الجماهير العربية والإسلامية، وذلك من خلال التأكيد على أن العدو الأول والأخير لحزب الله وللعرب جميعًا هم الصهاينة، وأن العداء لهم هو العداء المركزي الذي تذوب تحت نعليه كل الأحقاد الطائفية والحروب الداخلية.
سأفترض أن الخيار الثالث قد تحقق قريبًا، واشتعل شمال فلسطين في مواجهة مفتوحة بين حزب الله ومن خلفه إيران، وبين العدو الإسرائيلي ومن خلفه أمريكا، وهذا أمر غير مستبعد في ظل تزاحم الأضداد لبسط النفوذ في المنطقة، سأفترض تحقق المواجهة هذه لأسلّط الضوء على دور المقاومة الفلسطينية؛ ولا سيما كتائب القسام وسرايا القدس، وهل سيقف التنظيمان المقاومان على الحياد في معركة تكسير العظام؟ وهل سينتظران على قارعة العمل حتى تفرغ (إسرائيل) من حزب الله، لتلتف عليهما بعنجهية وغرور؟.
أزعم أن الحرب على غزة قائمة في كل لحظة، وأن العدو الإسرائيلي يتحين الفرص للانقضاض عليها، ولكن (إسرائيل) ستعمد في حالة الحرب مع حزب الله إلى تسهيل حياة السكان في قطاع غزة، وستعمل على تخفيف الحصار بهدف تحييد المقاومة الفلسطينية مؤقتًا، وكي لا تصل رسالة المصير المشترك للمقاومة إلى كل الشعوب العربية والإسلامية.
إن التأكيد على وحدة المصير بين المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين أمر له انعكاساته الإيجابية على جماهير الأمة العربية والإسلامية، وهذه الوحدة الميدانية قادرة على قلب طاولة المؤامرات التي تديرها (إسرائيل)، والتي اعتمدت على تمزيق الأمة وفق الولاء الطائفي بعد أن فرقت المنطقة سنين طويلة وفق الولاء الوطني والقومي، لذلك فإن عناق البندقية الفلسطينية للبندقية اللبنانية ضد الإرهاب الصهيوني سيشكل فرصة تاريخية لإعادة رسم خارطة التحالفات الإقليمية في المنطقة بما يخدم وحدة الهدف، ووحدة المصير الذي يشكل فيه العداء لـ(إسرائيل) قاسمًا مشتركًا لكل المسلمين على اختلاف طوائفهم وقومياتهم.
من منطلق المصير المشترك المعادي لـ(إسرائيل)، جاء بيان النعي للأسير اللبناني المحرر سمير القنطار، والصادر عن كتائب الشهيد عز الدين القسام، والذي تفصح حروفه عن أن المقاومة الفلسطينية بخير، وأنها واعية لما يجري في المنطقة، وأنها تدرك أهمية توحيد المواقف العربية عند نقطة الارتكاز المعادية لـ(إسرائيل)، مع ضرورة تفويت الفرصة على العدو الصهيوني في اختيار الجبهة التي يخوض عليها حروبه. إن التأكيد على الشراكة في الحرب القادمة بين المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية فيه تأكيد على أن وقف إطلاق النار سيكون مشتركًا على كل الجبهات، وفي ذلك خير.