14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
17.81°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة17.81°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

"نغرق بالقدس ولا نتركها"

تقرير: البلدة القديمة تستعد لاستقبال "مربعينية الشتاء‎"

12404520_10208059987756631_1975493320_n
12404520_10208059987756631_1975493320_n
القدس المحتلّة - مراسلتنا

ما هي إلا أيام قليلة وتبدأ الأربعينية الشتوية ("المربعانية" كما يسميها أهل القدس) والتي تتميز ببرودتها الشديدة، لذا فقد بدأت البلدة القديمة في العاصمة المحتلّة -كغيرها من الأحياء والمدن الفلسطينية- الاستعداد لاستقبال "المربعانية" والمنخفض الجوي القادم بمزيد من الاحتياطات والتجهيزات اللازمة لتفادي وقوع أي كوارث.

وتوقعت الأرصاد الجوية انخفاضًا جويًا عميقًا سيؤدي إلى تساقط كميات كبيرة من مياه الأمطار وقد تتساقط الثلوج على بعض المرتفعات الفلسطينية.

تجهيز غرف الطوارئ

يدًا بيد بدأ شباب البلدة القديمة بتجهيز غرف للطوارئ مخصصة لتلبية احتياجات المقدسيين الضرورية في حالات الطوارئ القصوى، تقوم مهامها على فتح الطرقات في حال تساقط الثلوج، أو اخلاء المنازل المعرضة للانهيار أو الغرق بسبب المياه المتدفقة من الأمطار.

يقول مسؤول غرفة طوارئ "الواد" في البلدة القديمة الناشط الشبابي ياسر قوس لـ"فلسطين الآن" إن غرفة الطوارئ هي تجربة بدأ بها الشبان المقدسيون منذ عامين بمجهودهم الذاتي والتطوعي وذلك بالتعاون والتنسيق مع لجان الحارات التي تم تشكيلها خلال الأعوام السابقة.

وأشار إلى أنه قد تم تجهيز غرفة الطوارئ الخاصة بالواد - كما جرت العادة في الأعوام السابقة- داخل مقر الجالية الافريقية الملاصقة لباب "المجلس" أحد أبرز أبواب المسجد الأقصى وأكثرها شهرة.

ويضيف قوس "خلال عملنا في غرف الطوارئ لعامين متتاليين أدركنا المناطق المتعرضة للضرر أكثر من غيرها، وحاولنا التركيز على وجودنا بالقرب منها حتى نستطيع التدخل بالشكل السريع، كما توجهنا إلى عدد من المقاولين والخيّرين في القدس لتوفير المعدات والاحتياجات اللازمة داخل غرفة الطوارئ أو خارجها.

وتتشكل الغرفة من متطوعين شبان من البلدة القديمة بمشاركة طواقم الإسعاف التي جهزت الغرفة بمعدات الإسعاف اللازمة.

وأوضح مسؤول غرفة طوارئ "الواد" أن العمل سيتم تقسيمه بين الشبان المتطوعين إلى قسمين، بحيث يهتم القسم الأول بالتجوال وتسير الدوريات الراجلة داخل زقاق البلدة القديمة بهدف الاطمئنان على العائلات المستورة أو الحالات المرضية للأطفال وكبار السن؛ إضافة إلى تفقد المنازل المهددة بالانهيار أو الغرق نتيجة الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال أسفل البلدة، أما القسم الآخر فهو القسم المتخصص بإخلاء المنازل والمتمرّس لعمل الدفاع المدني حيث يبقى بالغرفة بانتظار اتصال من القسم الأول أو العائلات للتحرك العاجل.

إهمال البنية التحتية

انتهاكات الاحتلال في مدينة القدس لا تقتصر على ما نراه فوق الأرض؛ بل هناك الكثير مما يحدث تحتها دون أن نراه، ولعل أكبر دليل يتمثل بسلسلة الحفريات التي تقوم بها قوات الاحتلال أسفل المدينة المقدّسة.

وتشكل الحفريات أكبر خطر يؤثر على منازل وأزقة وأحياء المدينة؛ فالحفريات الكبيرة أسفل القدس تؤدي إلى تصدع الجدران وسقوط أرضيات المنازل من غير أي منخفضات أو عواصف؛ ولكن في ظل ما يحدث من منخفضات جوية فإن هذه التصدعات تزداد.

ولأهالي البلدة القديمة تجربة مع تصدع منازلهم وسقوطها خلال المنخفضات الجوية التي سبق وضربت المنطقة خلال العام المنصرم، حيث تسببت هذه المنخفضات سابقًا بانهيار أحد المنازل في حي باب حطة بالبلدة القديمة؛ والذي تعود ملكيته إلى 5 عائلات مقدسية.

ويستذكر صاحب المنزل المواطن المقدسي "سامر شاكر" انهيار منزله في حي باب حطة خلال منخفض العام المنصرم، قائلًا في حديثه لـ"فلسطين الآن": " لقد بدأت المياه تتسرب من أرضية الغرفة خلال جلوسنا في المنزل. بدأت على الفور محاولاُ تنظيف المياه والتخلص منها إلا أنه وخلال دقائق سمعت صوت ارتطام قوي وعند خروجي مسرعًا تجاه الصوت ففوجئت بانهيار أرضية الغرفة على الطابق الأول والذي يقطن به عائلة شويكي".

عائلة شاكر ليست العائلة الوحيدة التي من عانت سابقاً من الأمطار، بل عائلة "الداية" أيضا تعاني من ذات المشكلة حيث حدثنا أبو محمد، والذي يعيش مع زوجته وأولاده في منزل بحي القرمي، في القدس العتيقة، عمّا يسببه المطر من خطر على منزلهم.

يقول أبو محمد "نتعرض للخطر أنا وعائلتي كل شتاء؛ حيث تتسرب المياه إلى داخل المنزل مما يتسبب غالبا بحدوث تماس كهربائي فنضطر للبقاء بلا كهرباء ولا تدفئة بقيّة اليوم. لا يقتصر الأمر على الكهرباء والتدفئة فقط بل تتسرب المياه إلى اثاث المنزل مما يضطرنا إلى قلب أغطية الفراش بشكل دوري وتبديله بين الفينة والأخرى بسبب تبلّله من المياه المتسربة من شقوق سقف المنزل".

وأضاف "نبقى على هذا الحال طول فصل الشتاء، وما يزيد الأمر سوءًا هو فيضان المياه العادمة من بلاط المنزل بسبب سوء البنية التحتية الخاصة بالمنطقة".

من جهته، حمّل الناشط قوس مسؤولية انهيارات المنازل وغرقها لبلدية الاحتلال والتي تدّعي العمل على مشروع تحسين البنية التحتية ولكنها على أرض الواقع تمارس عكس ذلك.

يقول قوس "تحسين البنية التحتية، هو اسم وهمي لا يدلل على نفسه فالمراقب لهذه المشاريع يمكنه استنتاج أن ما يحدث هو إعطاب لهذه البنية التي هي بالأصل سيئة بنوعية المواد المستخدمة فيها".

ويضيف "في حالات الأمطار الشديدة نرى أن البلدة القديمة تغرق بالمياه وخاصة طريق الواد الذي تتجمع في نهايته مياه الأمطار القادمة من باقي أحياء المدينة".

ونوّه قوس أن بلدية الاحتلال قامت قبل عدة أشهر بإغلاق ردادات المياه الواقع بالقرب من حائط البراق لتعود المياه وتُغرق منازل البلدة القديمة.

آراء وانطباعات أهالي البلدة القديمة

على الناحية الأخرى أبدى عدد من أهالي البلدة القديمة في حديثهم لـ"فلسطين الآن" استيائهم من البنية التحتية وغرق منازلهم بشكل سنوي بسبب مياه الأمطار دون أي تدخل من قبل المؤسسات الداعمة أو حتى بلدية الاحتلال المسؤولة عن ترميم تلك المناطق.

وتمنع قوات الاحتلال وبلديته أهالي القدس المحتلّة من ترميم أو تصليح منازلهم دون الحصول على تصريح، وهو الأمر الذي تعطّله البلدية متعمّدة وبشكل مستمر ما يؤدي لتفاقم المشاكل عامًا بعد الآخر.

وفيما يتعلّق بمشاريع غرف الطوارئ وتجهيزات الشبان لاستقبال "المربعينية" الشتوية وباقي المنخفضات، عبر المقدسيون عن سرورهم من أداء الشبان في فرق الطوارئ على مدار العامين المنصرمين، متأملين منهم أن يكونوا على ذات النشاط خلال هذا العام من أجل خدمة المدينة المقدسة.

أحد سكان وتجار البلدة القديمة "علاء الحداد" أوضح أن الشبان في فرق الطوارئ قد حازوا على ثقة المقدسيين واحترامهم لما قدموه لهم خلال المنخفضات السابقة، متوقعًا أن يكون استقبال الشبان هذا العام أفضل من قبل بالتعاون والتشارك مع الأهالي.

أما الحاج أبو خالد فاعتبر أن مشكلة غرق البلدة القديمة في القدس المحتّلة لن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال "الذي يؤخر مشاريع تصليح وترميم المنازل المهددة بالغرق"، مؤكّدًا أن هذه سياسة إسرائيلية متعمّدة لإفراغ المدينة المقدّسة من أهلها وتركها للمستوطنين.

وبصوت واثق عقّب الحاج المقدسي قائلًا "نغرق في القدس ولكن لن نتركها لهم".

وأضاف "لا يخفى على أحد كيف تهتم بلدية الاحتلال بمنازل المستوطنين في القدس وتوفر لهم كل سبل الراحة والأمان خلال المنخفضات الجوية وفي جميع الظروف فيما تضيّق الخناق على المقدسيين من أجل طردهم، ولكن هذا لن يحدث أبدا".

وشكر أبو خالد الشبان المقدسيين الذين يحاولون منع الضرر الأكبر للبلدة القديمة، وطالبهم بالمزيد من الجهد من أجل التقليل من حالات الخطر والضرر التي قد تلحق بالبلدة القديمة خلال المنخفض القادم.