18.07°القدس
17.77°رام الله
17.19°الخليل
22.9°غزة
18.07° القدس
رام الله17.77°
الخليل17.19°
غزة22.9°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

لماذا تطرد (إسرائيل) العمّال الفلسطينيّين وتستعين بالأردنيّين؟

عدنان ابو عامر
عدنان ابو عامر
عدنان أبو عامر

في مواجهتها لمواصلة العمليات الفلسطينيّة المتواصلة، اتخذت (إسرائيل) سلسلة خطوات عقابيّة ضدّ الفلسطينيّين، منها منع العمّال الفلسطينيّين من الالتحاق بأماكن عملهم داخل (إسرائيل) ووقف إصدار تصاريح جديدة لعمّال جدد، وتهديد وزير المواصلات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" بسحب أكثر من 100 ألف تصريح، مع أنّ هذه القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية تأتي مخالفة لتوجّهات أجهزة الأمن الإسرائيليّة، خاصة جهاز الأمن العام الشاباك الّتي  طالبت بمنح تصاريح عمل إضافيّة للفلسطينيّين، وعدم زيادة البطالة في صفوفهم كي لا ينضمّون إلى صفوف منفّذي العمليّات ضدّ الإسرائيليّين. 

     يبدو غريباً إنكار الجهات الأردنيّة الرسميّة علاقتها بتوريد العمّال إلى (إسرائيل)، لأن قرارا كهذا بتصدير العمال الأردنيين إلى (إسرائيل)، من الصعب أن يمر دون علم الحكومة الأردنية، أو الجهات ذات العلاقة فيها مثل وزارة العمل، وربّما لأن الحكومة تقدر أن تبنيها لهذه الخطوة سوف يترك الانطباعات السلبيّة للرأي العام الأردنيّ تجاه العمل في (إسرائيل)، وربّما لأنّ المهن الّتي سيعمل بها العمّال الأردنيون ليست مفضّلة للكثيرين، لأنّها ستتركّز في تنظيف الفنادق وغسل الأواني وترتيب الغرف، وهو ما لاقى  ردود فعل سلبية لدى بعض الأوساط الأردنية.  

    من المهمّ النّظر إلى الخطوة الإسرائيليّة باستقدام العمّال الأردنيّين، على أنّها تتزامن مع طرد العمّال الفلسطينيّين، كأنّها رغبة إسرائيليّة في إظهار قدرتها على الاستغناء عن العمالة الفلسطينيّة واستبدالها على الفور بعمالة أردنيّة، مما يطرح علامات استفهام حقيقيّة حول تجاوب الأردن مع هذا التوجّه الإسرائيليّ، وقد كان بإمكانه التشاور مع السلطة الفلسطينيّة قبل الموافقة عليه، حتّى لا يفسّر من قبل الفلسطينيّين أنّه رضى أردنيّ عن سياسة إسرائيليّة ضدّهم.  

    واضح أن هناك سياسة إسرائيليّة بالاستغناء عن العمّال الفلسطينيّين، وطردهم، لابتزاز الشعب الفلسطينيّ، والضغط على السلطة الفلسطينيّة لتقديم تنازلات سياسية متعلقة بالطلب منها وقف الانتفاضة، وجاء استقدام (إسرائيل) لـ500 عامل أردنيّ مقدّمة للاستغناء عن آلاف الفلسطينيّين، وإن كانوا مضطرّين للعمل داخل (إسرائيل) لعدم وجود بدائل أخرى، فإنّ أيّ عمالة عربيّة وأردنيّة ستعود بشكل سلبيّ عليهم، مع أن الأردنيّين بإمكانهم إدراك سياسة (إسرائيل) الهادفة للضغط على الفلسطينيين، بمحاولة الاستغناء عن عمالتهم واستبدالها بعمالة عربيّة، مع أنّ الأردن لديه نسبة بطالة كبيرة وبإمكانه تشغيل عمّاله القادمين لإسرائيل داخل بلاده.   

   لا يبدو أنّ أهداف (إسرائيل) من استقدام العمالة الأردنيّة تقتصر على الجانب الاقتصادي على أهميّته، بل إنّ الاعتبارات السياسيّة لا تكاد تغيب عن هذه الخطوة، في ضوء تقارب تدريجيّ في العلاقات الإسرائيليّة - الأردنيّة، بصورة أثارت قلق السلطة الفلسطينيّة في أعقاب اتفاق عمّان وتلّ أبيب ف حول ترتيبات الحرم القدسيّ.    

  من الواضح أن (إسرائيل) تسعى إلى أن تكون العمالة الأردنيّة بديلاً عن نظيرتها الفلسطينيّة، مع أنّ العمالة الفلسطينية تعتبر رخيصة بالنسبة لإسرائيل، فالعامل الفلسطينيّ يدخل (إسرائيل) ويزاول عمله في النهار، وفي المساء يعود إلى الضفّة الغربيّة، ولا يتحمّل المشغّل الإسرائيليّ أعباء إقامته داخل (إسرائيل) كالعامل الأردنيّ، وفيما يتقاضى العامل الفلسطينيّ أجره بالشيكل الإسرائيليّ، سيحصل العامل الأردنيّ على أجره بالدولار الأميركيّ، ممّا يرهق المشغّل الإسرائيليّ لتحويل العملة، وسيكلّف الحكومة الإسرائيليّة حصوله على مستحقّات التأمين الصحيّ والضمان الاجتماعي.  

    (إسرائيل) من جهتها، تستفيد من العمالة الأردنيّة من أوجه عدّة، فمدينة إيلات التي يتركز فيها العمال الأردنيون، تعتبر بعيدة جغرافياً بالنسبة للإسرائيليين، لأنها تقع في أقصى جنوب (إسرائيل)، ولا يرغب الإسرائيليّون بالعمل فيها، وربّما يبدو واضحاً أنّ القرار الإسرائيليّ باستيعاب الآلاف من العمّال الأردنيّين يهدف إلى القفز خطوة جديدة في علاقاتها مع المجتمع الأردنيّ، وليس اقتصارها على الساسة الكبار أو رجال الأعمال البارزين عبر الوصول إلى طبقات اجتماعية وسطى بتوريد العمالة الأردنيّة إليها، وإظهار وجه آخر لـ(إسرائيل) غير الدولة المحتلّة للأراضي الفلسطينيّة.   

   وفي الوقت ذاته، قد يأتي القرار الإسرائيليّ كجزء من إدارة الظهر للفلسطينيّين، وتحقيقاً لدعوات إسرائيليّة متزايدة في الأسابيع الأخيرة بالانفصال عن الفلسطينيّين، بما في ذلك إغلاق أبواب العمل في وجوههم، وهو قرار قد تكون له تبعات سلبيّة تزيد من أعداد الناقمين الفلسطينيين على السياسة الإسرائيليّة، واحتماليّة انضمامهم إلى صفوف منفّذين قادمين لهجمات فلسطينيّة.