تغنّون بسيرِ شهدائهم العطرة، الذين قضوا في ميادين الحق والإيمان، بعدما قدّموا أرواحهم وأشلاءهم رخيصة، في سبيل دينهم وأرضهم، ودفاعاً عن كرامةِ شعبهم في العيش بحريةٍ وأمان، يرسلون رسالة وفاءٍ لكل أم وأبٍ فلسطيني، ولكل ثائر حملَ البندقية، ولكل طفلٍ نزفت دماؤه ظلماً وعدواناً.
وفي خطوةٍ هي الأولى من نوعها على مستوى الوطن، أصدرت حركة المقاومة الاسلامية حماس "منطقة الخلفاء الرَاشدين شمال قطاع غزة" كتاباً أطلقت عليه اسم "قناديل الخلفاء"، الذي يحتوي بين دفَتيه (193) سيرة لشهداء المنطقة، بفتحها وحماسها وجهادها وكافة أطياف الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تصميمه الوحدوي الذي يُزينه علم فلسطين.
ويحتوى الكتاب على إحصائيات دقيقة عن الشهداء من حيث "التنظيم، جهة التبني، تواريخ الميلاد، تواريخ الاستشهاد، كيفية الاستشهاد، البلدات الأصلية"، متضمناً على نبذة تعريفية عن المنطقة ومساجدها الثمانية، وأودع الكتاب تحت رقم إيداع في وزارة الثقافة.
وعمل في إخراج الكتاب 15 أخًا في الأقسام المختلفة من "جمع الاستبيانات وتعبئتها ، التحرير والصياغة، المراجعة والتدقيق، التصميم والإخراج" ، وتمت مراجعة الكتاب من قبل 20 أخًا ، خاضعًا للتدقيق اللغوي إملائياً ونحوياً وصياغةً 3 مرات من جهات مختلفة.
وقدم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ خالد مشغل الكتاب، معبرًا عن فخره بالشهداء قائلًا "أي كلام يقال عن الشهداء، وأي كلمات تعطيهم حقهم أو حتي بعض حقهم، هؤلاء الذين وعوا أصل القضية وأدركوها جيدًا".
وأشاد مشعل بالكتاب قائلًا" بين جنبات هذا الكتاب أكثر من مجرد سرد لسير الشهداء، إنه تأريخٌ وتوثيقٌ لسيرة شعبٍ مجاهدٍ قدَم لأرضه كما لم يقدم شعبٌ آخر".
وشارك في حفل إصدار كتاب "قناديل الخلفاء" أمس الجمعة، في مسجد الخلفاء الراشدين، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الأستاذ إسماعيل هنية، وعضو المكتب السياسي لحركة حماس فتحي حماد، وعدد من قادة الحركة، وعوائل الشهداء وأصدقائهم، فضلاً عن جمع غفير من جماهير شعبنا وأهالي المنطقة.
وأكّد الأستاذ إسماعيل هنيّة، أن السّيوف تُذيب الفوارق السياسية والأكاديميّة، داعياً أبناء الشعب الفلسطيني للتوحد في ميدان الانتفاضة وتحت رايةِ البندقية، والثبات على المبادئ الإيمانيّة والوطنية.
وشدَد هنية خلال الحفل، على أن شعباً الذي يقدم الشهداء لهو جدير بالنصر والعودة إلى كامل فلسطين المحتلّة، وحركةً تُقدم قادتها وكوكبة من العظماءِ لهي حركة ومقاومة جديرة بالعزَة والاحترام.
وأشار رئيس الوزراء السابق إلى مناقب الشهداء، ولا سيّما، الشهيد العالم نزار ريّان، والشهيدين القائدين حسن المدهون وفوزي أبو القرع، اللذين استشهدا معاً في قصف للطائرات الإسرائيلية، على سيارتهما في شمال قطاع غزة، مبرزاً الجانب الوحدوي لما يحتويه الكتاب، حيث ينتمي أبو القرع لكتائب القسام، والمدهون لكتائب شهداء الأقصى.
وأشاد هنيّة بمنطقة الخلفاء الراشدين، المنطقة الجغرافية المحدودة والتي قدّمت قرابة (200) شهيد، من كافة أطياف الشعب الفلسطيني، وصنعت رجالاً أبطالاً في ميادين الجهادِ والمقاومة.
وتابع: "إن هذا الكتاب ينطق بالحق يُسجل أسماء الخالدين، كتابٌ يوضع في مكتبة لكنه يحمل في طياته تاريخاً وسيرة يتربى عليها الأجيال، كتابٌ صاغته عقول بشرية جديرة بالإنجاز"
ويأتي حفل إصدار "قناديل الخلفاء" في الذكرى السابعة لاستشهاد الدكتور نزار ريان أحد قادة حركة حماس الذي تعرض منزله للقصف خلال حرب "الفرقان"، واستشهد برفقة 16 من أفراد عائلته، كما يوافق ذكرى استهداف مسجد الخلفاء وتدميره خلال تلك الحرب.
وفي كلمة عوائل الشهداء شكر د. عبد اللطيف ريان شقيق الشهيد د. نزار ريان كل من ساهم في إعداد وإصدار الكتاب، مُعبراً عن فخره واعتزازه بكونه أحد أفراد عائلة قدّمت الشهداء كباقي عوائل شعبنا المجاهد.
وفي ختام الحفل كرّم هنية وعدد من قيادة حركة حماس، أسر الشهداء، والعاملين على الكتاب، من مُشرفين وباحثين وكاتبين ومدققين.
سيبقى الكتاب عالقًا في أذهان أهالي منطقة الخلفاء الرَشدين وأهالي الشهداء على وجه الخصوص، بما أنه يوثقُ سِير أبنائهم ويمجَد ذكراهم، ويوجه رسالة لـ "إسرائيل" وجيشها المهزوم، أن مسيرة الشهادة والدم مستمرة وخير دليل على ذلك هذا الكتاب