19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

لا نامت أعين الجبناء

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

لا أعرف شيئا عن نشأت ملحم وحياته. لا أعرف اسمه كاملا، ولا سيرته، ولا دراسته، ولا ميوله الحزبية، ولا أعرف عدد أفراد أسرته، ولا شيئا عن والديه وأقاربه، وهذا لا يضره ولا ينقص قدره، فخالقه يعرف كل شيء عنه، ولكنني أعرف أنه مواطن فلسطيني من وادي عارة، ممن تشبث أهله بالبيت والأرض ولم يهاجروا في عام النكبة.

نشأت ملحم الذي عرّفنا به عمله البطولي مؤخرا، شاب نشأ على حبّ وطنه، وعلى رفض الاحتلال، وعلى مقاومة المحتل، فهو من الجيل الجديد الذي يقاوم النسيان، ويقاوم التهويد. لقد عرفت كما عرف غيري أن نشأت شاب وطني يغار على عرضه، وعلى أعراض حرائر فلسطين، ويرفض عدوان اليهود على المسجد الأقصى، ويرفض الإعدامات الميدانية لأطفال وصبايا فلسطين على الشبهة.

عرفنا نشأت لأول مرة في ( ديزنكوف ) في تل الربيع، وهو يمتشق رشاشه وينتقم لوطنه ولحرائر فلسطين وأطفالها، ثم يغادر المكان بسلام ، ويفرض ما يشبه منع التجول على مدينة تل الربيع، بعد أن تغلغل الخوف في نفوس تحب الحياة وتكره الموت.

غادر نشأت مسرح العملية في تل الربيع بعد أن ترك إعلانا بالبنط العريض يقول ( فشل نظرية الأمن الصهيونية)، وآخر يقول ( انتفاضة القدس مستمرة) وثالث يقول : ( إسرائيل تعيش وهم الاستقرار) ورابع يقول: ( العربي لا ينسى حقه ولا ثأره). وخامس يقول:( المقاومة لا عباس هي من تمثل الشعب الفلسطيني). كانت إعلانات نشأت هي الجزء الثاني من بلاغة العملية الفدائية.

كانت عملية نشأت الفدائية ناجحة، لأنها من العمليات الفردية ، التي يخطط لها الشخص بنفسه، وينفذها بنفسه، ولكن كان يحتاج إلى تغيير ملامح وجهه بلحية مستعارة وشنب مستعار، حتى يضلل العدو ْو كاميراته ، ولكن حماسة نشأت غلبته، فدخل في تحد برغبة داخلية تطلب الشهادة ، وقد نال ما عمل له، فاستشهد بعد نكاية في العدو. ربما حقق نشأت ما أرادته نفسه، وأراح بمخرجات عمله من خلفه، وقد كتب بدم الشهادة عبارة ابن الوليد (لا نامت أعين الجبناء ).

في دولة العدو، وفي أجهزته الأمنية، يستسهلون التعامل مع التنظيمات، ومع العمليات الفدائية التي يقف عليها التنظيم تخطيطا وتنفيذا، ولكنهم يستصعبون العمليات الفردية، التي لا يشرك فيها الفدائي غيره في التخطيط والتنفيذ، لأنه بعمله هذا يشلّ عمل دوائر الاستخبارات، وأجهزة الجوال، والتنصت ، ويفشل عمل الاختراقات الأمنية، والعمالة المزدوجة. لذا تجد دولة العدو في حيرة عميقة أمام أعمال المقاومة الفردية، لذا تجدها تلجأ للإعدامات الميدانية على الشبهة بعامل الخوف والرعب والرغبة في الانتقام .

أخيرا وليس آخراً ترجل نشأت ملحم رحمه الله، بعد أن ترك بصمته على انتفاضة القدس. وأعرف أن جل الفصائل الفلسطينية نعته وواست ذويه، غير أنني لم أقرأ في الإعلام نعيا له من حركة فتح، ( مع أنها أول الرصاص، وأم الثورة، كما يقولون). إن نعي الشهداء والترحم عليهم ومواساة ذويهم واجب وطني تسقط أمامه مصالح الدنيا، والاعتبارات الشخصية والحزبية، وحساب المآلات العاجلة.