19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

كيف يفكر الرئيس؟

كمال الشاعر
كمال الشاعر
كمال الشاعر

الجميع حبس أنفاسه حينها وانتظر ما انتهى إليه اللقاء بين وفدي حركتي حماس وفتح أواخر عام 2014م، الذي عُقد في منزل رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية بغزة، وتوج بإعلان الفرقاء السياسيين مرحلة جديدة وانتهاء الانقسام، والبدء فورًا في تنفيذ بنود المصالحة، وتطبيق تفاهمات القاهرة والدوحة وتشكيل حكومة التوافق.

وقع الاتفاق والجميع يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي سيعمل على تعطيل تنفيذ الاتفاق على الأرض، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسعد بتطبيقه، وسيعملان إلى جانبهما بعض القوى الإقليمية على عرقلته، إذا كان سيؤدي إلى وحدة وطنية حقيقية يستعيد فيها البيت الفلسطيني عافيته، وتشارك حماس والجهاد الإسلامي في بنيته و قيادته. 

بالنظر التحليلي إلى الموقفين المتناقضين من حيث فريق المفاوضات وفريق المقاومة نجد أن الرئيس محمود عباس يطرح الإشكالية مع الاحتلال الإسرائيلي مختزلًا إياها في مربعين (العسكري والسياسي)، الأول: هو مربع المقاومة الذي تتبناه حركة حماس، والثاني: هو مربع المفاوضات الذي تبنته (م. ت. ف) بقيادة حركة فتح.

ففريق المفاوضات يقول: "جربنا الحل العسكري والمواجهة المباشرة مع العدو الإسرائيلي منذ معركة الكرامة عام 1968م، مرورًا بحرب عام 1973م، التي خاضها الجيش المصري، وانتهاءً بمعركة بيروت عام 1982م، ولم نحقق شيئًا ملموسًا ولم نسترد الأرض، إلى أن جاء عام 1991م، وجلس الفلسطينيون والعرب مع (إسرائيل)، وبدأت بعد ذلك اللقاءات بين الطرفين، ودخلنا المربع السياسي وحققنا فيه انتصارات"، هذا من وجهة نظر فريق أوسلو الذي عدها نصرًا في ظل الضعف العربي الحالي، والمتغيرات الإقليمية والدولية في تلك المدة وتفكك الحليف السوفييتي حينها، ووقع اتفاق "السلام" المعروف باتفاق أوسلو، في حديقة البيت الأبيض عام 1993م.

فالاحتلال منذ عام 1994م لا يريد أن يبقي السلطة الفلسطينية في المربع السياسي؛ فهو يحاول أن يجرها إلى المربع العسكري عن طريق استفزازاته المستمرة، مثل حفر أنفاق تحت المسجد الأقصى عام 1996م تارة، ومرة ببناء مستوطنة ضخمة فوق جبل أبو غنيم، ومرة أخرى بتدنيس المسجد الأقصى عام 2000م، واستطاع أن يُدخِل الفلسطينيين في المربع العسكري مرة أُخرى عن طريق انتفاضة الأقصى عام 2000م، إلى أن احتل الضفة الغربية في أبريل عام 2002م، وشرع ببناء الجدار العازل في يونيو من العام نفسه، ونسف كل التفاهمات السابقة ووجد بذلك من يؤيده من المجتمع الغربي.

فمنذ عام 1948م الاحتلال يحاول أن يجعلنا في المربع العسكري الذي يجيد استغلاله جيدًا، وبقي مسيطرًا على فلسطين التاريخية وشبه جزيرة سيناء والجولان السوري المحتل، وهو موجود معنا في المربع نفسه (المربع العسكري).

فعندما وقع في غزة اتفاق تطبيق بنود المصالحة أخذ الاحتلال يطلق التصريحات المهددة باتخاذ إجراءات جديدة ضد السلطة، ومن خلفه حليفته الولايات المتحدة وإطلاق شروطها الجديدة القديمة لـ"حكومة التوافق"، وهي الاعتراف بحق ما يسمى (إسرائيل) بالوجود، والاعتراف بالاتفاقيات السابقة، وأيضًا جددت شروط الرباعية القديمة.

فلقد تناست الولايات المتحدة أن من وقع اتفاقية "السلام" مع الكيان العبري في حديقة البيت الأبيض عام 1993م هو الرئيس الراحل ياسر عرفات بصفته رئيس المنظمة التي تعد المظلة الكبرى للفلسطينيين في الداخل والخارج، وبعد ذلك أسست السلطة الفلسطينية، وأن السلطة عليها فقط مسئولية الحفاظ على الأمن، وتفعيل التعاون الأمني بين الطرفين بمواجهة المقاومة _حسب تفاهمات اتفاقية أوسلو_ الذي في النهاية سوف يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على جزء من تراب فلسطين.

فالمطلوب من الفرقاء السياسيين توحيد المربعين في مستطيل واحد، وهو أن يتفاوض الفلسطيني وهو في موقف القوي، مع عدم التنازل عن الثوابت الفلسطينية (القدس، واللاجئين، والحدود، والسيادة الكاملة على الدولة)، عن طريق دعم وتبني انتفاضة القدس، وإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يخشاه الاحتلال في المرحلة القادمة كما كان يخشاه في عهد عرفات، حينما كان يجتمع في شرم الشيخ وطابا، والعمليات العسكرية كانت تُزلزل الكيان، حتى اضطر إلى الانسحاب من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة عام 2005م.