19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

ذكرى العياش وثأر سلامة وقود انتفاضة القدس

أحمد بحر
أحمد بحر
أحمد بحر

إن الذين يضحون بأرواحهم في سبيل الله هم أكرم القلوب وأزكى الأرواح وأطهر النفوس، فهم أحياء وليسوا أمواتاً، " ولَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" هؤلاء المجاهدون الذين روّوا بدمائهم شجرة الإسلام، فإن استشهادهم يعد بحق بعثاً جديداً يسري في روح الأمة من أجل توجيه دفة الصراع لإحقاق الحق وإبطال الباطل. وهكذا كان شهيد الإسلام، شهيد فلسطين، شهيد كتائب عز الدين القسام، البطل الفذ، قدر الله النافذ ومهندس العمليات الاستشهادية الذي أوقف زحف الغطرسة الصهيونية، ليصبح المطلوب رقم (1) لأجهزة الأمن الصهيونية.

 إنه البطل الأسطوري، يحيى عياش الذي شكل بحق نقلة نوعية في مشروع الجهاد والمقاومة، والتي ما زال أثرها يتعاظم يوماً بعد يوم. إن العمليات الاستشهادية والحقائب التفجيرية التي هندسها يحيى عياش وخاصة في العفولة والخضيرة خلال الأسبوع الثاني من شهر نيسان 1994م، كانت انتقاماً لمذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف بتاريخ 25/2/1994م التي ارتكبها المجرم الصهيوني باروخ جولد شتاين وقتل فيها 30 مصلياً وهم ساجدون في صلاة الفجر، هذه العمليات هي التي أجبرت الجيش الصهيوني على الانسحاب من غزة في 15/8/2005م، ووقتها قال المجرم رابين: أتمنى أن أصحو فأرى البحر قد ابتلع غزة، وهو القائل أيضاً: أخشى أن يكون المهندس جالساً بيننا في الكنيست. وبعد الانسحاب من غزة ودخول منظمة التحرير المذّل بقيت المستوطنات في قلب القطاع، والتي تشكل 40% من مساحته تحت سيطرة الاحتلال، وظل شبح المهندس وحقائبه تطارد كل صهيوني في كل مكان، ففي 19/11/1994م، كانت عملية الاستشهادي صالح نزال في شارع (ديزنغوف) في (تل أبيب)، والتي أودت بحياة 22 صهيونياً ليقطع رابين رحلته ويعود إلى البلاد ليعلن عداءه السافر للمهندس.

  ورغم ما قامت به الحكومة الصهيونية من توظيف جيشها وأجهزة أمنها لمطاردة المهندس إلا أنه وبرعاية الله استطاع أن يفلت من قبضتهم ومكرهم ووحداتهم الخاصة ليواصل العلميات الاستشهادية في قلب الكيان الصهيوني ليصل مجموع ما قُتل بيد المهندس وتلاميذه إلى 76 صهيونياً وجرح ما يزيد عن 400 آخرين.  ولذلك فليس من قبيل المصادفة أن يختاره جميع الخبراء اليهود والأجانب ليكون رجل العام 1995م، فقد قالوا عنه: إن عياش أثّر على (إسرائيل) وحياتها ومستقبلها أكثر مما أثّر رابين وحكومته وجيشه كما لقبته وسائل الإعلام العبرية بالثعلب، والرجل ذي الألف وجه، والعبقري. ويستمر البطل في جهاده، وبعد أربعة أعوام من العطاء المتواصل يترجل الفارس يوم الجمعة 5/1/1996م ليكون بإذن الله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء. ولئن تمكن الشاباك من اغتيال القائد الفذ عن طريق أحد العملاء بواسطة الهاتف النقال الذي انفجر حين كان يتكلم مع والده الحاج عبد اللطيف، فإن عرس الشهادة للمهندس تجسد بكل قوة يوم السبت 6/1/1996م حين انطلقت مسيرات حاشدة من كافة محافظات غزة والتي بلغت نصف مليون مواطن خرجوا ليودعوا الشهيد، كان هذا الرد الأول على أجهزة الأمن الصهيونية، خاصة حين قال والد الشهيد مخاطباً الجماهير: كلكم يحيى عياش. أما الرد الثاني فكان من محمد الضيف قائد كتائب عز الدين القسام الذي أعطى الإشارة للقائد حسن سلامة بتنفيذ عمليات الثأر بعد خمسين يوماً من استشهاد المهندس، فبدأ الرد القسامي في 25/2/1996م بخمس عمليات استشهادية خلال أسبوع في قلب القدس و(تل أبيب) وعسقلان وقتل فيها 60 صهيونياً ومئات الجرحى. لقد أكرمني الله أنني شاركت في جنازة يحيى عياش في 6/1/1996م، وتشرفت بإلقاء كلمة حركة حماس في هذا الحشد الكبير ثم رافقت المجاهد حسن سلامة بعد انتهاء المهرجان وقال لي: والله يا أخ أبو أكرم لأنتقمن لدماء يحيى عياش وسوف تسمعون ذلك عن قريب، فقلت له: على بركة الله، أسأله سبحانه أن يحفظك ويرعاك.

 لقد كانت العمليات الاستشهادية قبل وبعد استشهاد يحيى عياش هي السبب المباشر في إسقاط زعماء الكيان المسخ، فقد قتل رابين من قبل المتدينين على يد يغال عمير في 14/11/1995م بسبب فشله في الحد من ظاهرة الاستشهاديين، ثم جاء نتنياهو ليقود حملته الحاقدة على حماس من خلال مؤتمر شرم الشيخ فلم يستطع، ثم كانت عملية الاغتيال الفاشلة لرئيس المكتب السياسي خالد مشعل في 25/9/1997م، وفي نفس العام كان خروج الشيخ أحمد ياسين من المعتقل، ومن ثم فقد سقط نتنياهو وجاء باراك فلم يصمد أمام انتفاضة الأقصى المباركة فسقط واعتزل العمل السياسي، ثم جاء شارون ليكون آخر طلقة في جعبة الكيان الصهيوني حيث أُجبر على الانسحاب من قطاع غزة كلّها في 15/8/2005م بسبب ضربات القسام وهو الذي قال: نتساريم كتل أبيب. 

وها نحن اليوم في الشهر الرابع من انتفاضة القدس المجيدة التي يحاول أعداء الأمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي إطفاء جذوتها، ولكنها بقوة الله ورعايته مستمرة إن شاء الله تعالى ثم بصمود شعبنا وتضحياته الأسطورية نساءً ورجالاً وأطفالاً مستمرة حتى سقوط نتنياهو كما سقط رابين وباراك وشارون. انتفاضة القدس مستمرة إن شاء الله حتى تحرير الأسرى والمسرى، وما ذلك على الله بعزيز. "وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا"