19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

القيق صحفي أسير ومشروع شهادة

خالد معالي
خالد معالي
خالد معالي

ما إن اعتقل الاحتلال الصحفي محمد القيق حتى أسرع إلى سحب أسلحته من إرادة وإيمان وصبر ساعة، وأعلن إضرابه عن الطعام، في مواجهة مغتصبيه المارقين والخارجين عن كل ما تعارفته البشرية من قوانين وقيم وأخلاق، الذين غذوه قسرًا؛ فكان أول صحفي أسير يحدث له ذلك رغمًا عنه بهدف كسر إرادته وإضرابه.

الأسير القيق هو أسير فلسطيني، صحفي، لا يحمل سلاحًا ولا بندقية، ولكن يحمل معه قلمه والإيمان بعدالة قضيته، وحتمية رفع الظلم عن شعبه المظلوم، لينتصر لاحقًا عليهم مع جبروتهم وظلمهم وغيهم.

ثبت ورسخ الأسير البطل القيق فكرة أنه من غير المجدي الحديث عن تحصيل أو انتزاع أية حقوق دون تضحية، والتضحية يلزمها قوة سلاح الإيمان٬ والإرادة الصلبة٬ والأمعاء الخاوية٬ وطول النفس٬ في ظروف الأسر الصعبة جدًّا.

وما إن استصرخ الحق رواده حتى لبوا النداء نصرة للأسير القيق، الذي رفع شعار: "ننتصر بالإفراج أو نموت شهداء".

ويردد الأسير القيق وهو يصارع الموت خلال إضرابه عن الطعام: "لما كان هناك احتلال وظلم وتقييد للحرية بقيت الحاجة لإرادة صلبة وعزيمة لا تلين، تقابلان صلفه وعنجهيته وظلمه، لقهره وهزيمته لاحقًا".

كعادة الطغاة عبر التاريخ يظن المحتل الجبان المغرور بقوته وجبروته أن الأسير القيق سيتعب ويستسلم تحت ضغط الجوع والأمراض وتدهور صحته، وهو ما لم يحصل، ولن يحصل، كون الاحتلال لا يعرف معنى أن يجوع ويموت الفلسطيني لأجل الوطن.

سينتصر الأسير القيق بامتياز بسلاح الإرادة الناجع، كما نجح في تحريك المياه الراكدة، وشحن طاقة خلاقة جديدة لنصرة الأسرى بإضرابه الأسطوري المتواصل رفضًا لظلم السجن ومواصلة الاحتلال.

القيق يعلم من يأتي بعده أنْ لا تسكتوا عن الظلم، وإنا لدينا أسلحة، وإن كانت بنظر بعض بسيطة، فإنكم تملكونها وتستطيعون استخدامها. 

مشاهد المسيرات والتظاهرات والاعتصامات في مدن الضفة وغزة نصرة للأسير القيق أثلجت الصدور، وخففت من وجع وترقب عائلته، والمطلوب مواصلتها وزيادة زخمها أكثر فأكثر حتى الإفراج عن الأسير القيق.

دماء الأسير القيق التي نشفت وكادت تجف مع مواصلة إضرابه لليوم الـ51 على التوالي نصرة لوطنه أضاءت نورًا في المسجد الأقصى من جديد، وجددت الأمل بقرب الخلاص من المغتصبين المحتلين.

ما أطيب وما أحلى لحظات الانتصار للأسير القيق التي ستأتي لاحقًا _ونراها قريبة جدًّا وقادمة بسرعة_ وتتبخر عندها كل اللحظات الصعبة والمعاناة والألم!٬ والحياة إن لم يكن فيها انتصار٬ وتحقيق إنجاز على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات أو الأحزاب؛ فعندها لا معنى لوجودها، فقيمة الحياة تنبع من مواجهة وتحدي مصاعبها والتغلب عليها، "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله".