19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

ديمقراطية "إسرائيل".. نتنياهو ينافس نتنياهو!

هشام منور
هشام منور
هشام منور

تواجه الانتخابات الداخلية الخاصة في حزب "ليكود"، الحزب الحاكم في كيان الاحتلال الإسرائيلي، بزعامة بنيامين نتنياهو، والمزمع إجراؤها في 23 كانون الثاني/ يناير العام الجاري، انتقادات واسعة من قبل مراقبين ومحللين سياسيين، إذ اتفق المحللون على أن الانتخابات التي ستجرى دون طرح منافس لنتنياهو على رئاسة الحزب، ودون خيار التصويت ضده، أقرب للانتخابات التي تجري في أنظمة ديكتاتورية من الديمقراطية.

ووصف المحلل في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، الانتخابات الداخلية القريبة بأنها "ديموكتاتورية" (دمج بين ديموقراطية وديكتاتورية)، كاتبا أن تقديم الانتخابات الداخلية في الحزب يعكس حالة غير ديموقراطية، مستغرباً كيف وافق أعضاء الحزب على هذه الخطوة؟.

وأضاف بن كسبيت أن الانتخابات ستكلف الإسرائيليين 4 ملايين شيكل، وليس لها أي أهمية، فهي تتم فقط لأن رئيس الحكومة الراهن لا يريد أن يعطي وقتاً لبروز أي مرشح ضده، متسائلاً لماذا يجب تقديمها قبل الموعد المقرر لها السنة القادمة ما دام لم يطرأ أي تغيير على الحزب؟.

وكتب المحلل في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتير، أن نتنياهو يخاف حتى من نفسه، مشيراً إلى أن الانتخابات القادمة تخيّر منتسبي الليكود بين خيارين، إما التصويت لنتنياهو أو وضع بطاقة بيضاء، وليس التصويت ضد نتنياهو. ويقول فيرتير إن نتنياهو يخاف أن تفوق الأصوات المعارضة لحكمه الأصوات الداعمة ولذلك دعم خطوة وضع البطاقة البيضاء. ووصف آخرون الحال في حزب "ليكود" الإسرائيلي بأنه يشبه حزب "البعث"، حيث لا توجد ديموقراطية إنما هنالك زعيم قوي يهيمن على الحزب ويحكمه كما يشاء. 

كثيرون علقوا على خطوة نتنياهو "غير المفهومة" و"الفضائحية" و"الدكتاتورية" التي تكلف صندوق الحزب أكثر من مليون دولار. وكتبت معلقة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت» سيما كدمون تقول: إن «ليكود» بمؤسساته كلها يأتمر بإمرة نتنياهو بعدما وافقت الكتلة على قرار سخيف بإجراء انتخابات لا مرشح فيها سوى شخص واحد. وأضافت أنه "حتى قبل فترة وجيزة ظننتُ أن أموراً كهذه لا يمكن أن تحصل عندنا، خصوصاً أننا نتهكم على حصول مثلها في كوريا الشمالية أو دول أخرى، لكننا بفضل نتنياهو بتنا نخطو خطوات عملاقة نحو تلك الأنظمة". وتابعت: "ستجري انتخابات وسيفوز بنيامين جونغ ايل من جديد بزعامة حزب البعث، عفواً حزب ليكود... أما المشكلة فتكمن في أننا لا نجد صديقاً واحداً في كتلة ليكود يستفزه هذا السلوك وينهض من مكانه ويتساءل ماذا يجري؟ ولماذا؟ وما الجدوى؟ لكن هذا هو وجه ليكود وهذا هو وجه الدولة".

تعيد اللعبة الأخيرة لزعيم الليكود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، التي أوصلته ليكون مرشحاً وحيداً في الانتخابات الداخلية لزعامة الحزب وتعيد إلى الأذهان أحد أشهر الإعلانات التجارية وأكثرها شيوعاً في إسرائيل لتحفيز الناس على تعبئة أوراق اليانصيب وتتردد عفوياً على الألسن: «يضحك طول الطريق إلى البنك»، في إشارة إلى الفائز بالجائزة الكبرى.

رغم سيل الانتقادات لنتنياهو إلا أنه يمضي ضاحكاً طول الطريق للبقاء في زعامة الحزب، وبالتالي زعيماً لمعسكر اليمين ما يؤهله الجلوس في سدة الحكم سنوات كثيرة أخرى، كما يقر مراقبون بعد نجاحه في فرض قراراته على مؤسسات الحزب.

ومع أن الانتخابات العامة لا تلوح في الأفق، خصوصاً أن الأخيرة جرت فقط قبل عشرة أشهر، إلا أن نتنياهو فاجأ الساحة الحزبية عندما قرر قبل شهر إجراء انتخابات داخلية مبكرة لزعامة الليكود يكون الفائز فيها (هو طبعاً) مرشح الحزب لتشكيل الحكومة المقبلة في حال إجراء انتخابات عامة جديدة.

وفسر مراقبون الخطوة بأنها استباقية لاحتمال عودة الوزير السابق القطب في الحزب جدعون ساعَر إلى الحياة السياسية التي تركها قبل عام، وسط استطلاعات تؤكد أنه أقوى المنافسين لنتنياهو على زعامة الحزب، في ظل غياب شخصيات أخرى تنافس على هذا المنصب.

ونجح نتنياهو، من دون بذل جهد خاص، في إقناع المعارضين لانتخابات مبكرة بأهميتها وجاءت نتائج جهوده كيفما أراد، إذ تبين أنه مع انتهاء موعد الترشيح لم يتقدم سوى نتنياهو للمنافسة. لكن الخطوة التالية التي فرضها على سكرتاريا الحزب كانت أكثر دهاءً، إذ فرض إجراء انتخابات في الثالث والعشرين من الشهر المقبل رغم غياب منافسين له على أن يُمنح نحو مائة ألف عضو في الحزب التصويت بين خيارين فقط: ورقة صفراء مع اسم نتنياهو، وورقة بيضاء لن يتم عدّها عند الفرز، رافضاً أن يكون التصويت بين بطاقة نعم وبطاقة لا، وأصر نتنياهو على إجراء الانتخابات تفادياً لاحتمال أن تتم مطالبته بعد عام أو اثنين بانتخابات لزعامة الحزب بداعي أن انتخابه (الذي سيتم بعد شهر) كان في غياب مرشحين ومن دون تصويت.

واتفق معها معلقون آخرون في وسائل الإعلام المختلفة، لكن الانتقادات تبدو صوتاً يصرخ في واد، فيما نتنياهو على قمة جبل ينظر مستخفاً ضاحكاً، وكأنه يقول: "قولوا ما شئتم...أنا باقٍ سنوات طويلة أخرى".

بصراحة، لطالما تغنى الاحتلال بأنه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وأن على الغرب تقديم الدعم له لتدعيم الديمقراطية في المنطقة التي لا تعرف سوى الديكاتورية ولا تألف الديمقراطية، لكن انتخابات حزب الليكود المزمعة، تثبت بلا أدنى شك أن الاحتلال الإسرائيلي اندمج مع الأنظمة الديكتاتورية ولم يعد يستطيع خداع أحد في العالم حول ديمقراطيته وإنسانيته المزعومة، وفضائح جنوده يوميا على شاشات الإعلام وكيفية تعامله مع الأطفال والمعتقلين الأسرى الفلسطينيين.