19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

جاسوس في مكتب عريقات

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

ما خفي أعظم. بهذه الكلمة المقتضبة كان تعليق الفلسطينيين على الأخبار التي تحدثت عن اعتقال عميل لإسرائيل يعمل في مكتب عريقات كبير المفاوضين. الأخبار تتحدث عن عمالة مدتها عشرين سنة، واكتشافها جهاز المخابرات الفلسطينية برام اللة مؤخرا. لم تذكر الوكالات اسم الشخص، وامتنعت الجهات الحكومية في رام الله وأجهزتها الأمنية عن ذكر اسم الموظف المعتقل منذ أسبوعين، ولم تحدد وظيفته وطبيعة عمله بدقة كافية، وذهبت الجهات الرسمية في رام الله إلى التخفيف من وقع الصدمة القاسية على المواطنيين من خلال تبهيت دور الموظف وظيفته في مكتب عريقات، والقول بأنه موظف إداري صغير، ولا علاقة له بالملف السياسي، وملف المفاوضات، لتضليل المواطنين عن حجم الكارثة .

وكالات الأنبا تقول :" إن العميل كان يزود إسرائيل بمعلومات ووثائق مهمة من مكتب الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية. و إن تفجير قضيته في هذا التوقيت لها علاقة بالصراع بين الأقطاب المتنازعة على خلافة الرئيس محمود عباس، لأن الاعتقال تمّ بسرية تامة ".

المشكلة ليست في اسم الموظف، وطبيعة وظيفته، ولكنها في عملية الاختراق الأمني الكبيرة، وفي حجم المعلومات والوثائق التي زودها للعدو، وفي عدد السنين الطويلة التي قضاها هذا الموظف في العمالة والتخابر. هنا تكمن المشكلة، ومن الطبيعي أن تلجأ السلطة والحكومة أيضا إلى التخفيف من الجريمة، بل والذهاب إلى تبهيتها، وربما إلى لفت الأنظار عنها ونسيانها، وربما إلى حكم لاحق بالبراءة، أو بعقوبة مخففة؟!

تقول صحيفة رأي اليوم :" إن الشخص المتهم قام بنقل محاضر اجتمعات فلسطينية خاصة بتحديد المواقف مع إسرائيل، ومنها مطالب ووجهات نظر القيادة لملفات التفاوض. وأن المستوى القيادي الأول في السلطة الفلسطينية غضب عدة مرات، من خلال مراجعات أمريكية لمواقف تعكف السلطة على اتخاذها، وكذلك إبلاغ الرئيس أبو مازن شخصيا من مسؤولين أوروبيين بأن هناك معلومات مصدرها إسرائيل، تفيد بنيته اتخاذ العديد من الخطوات أو إبداع وجهات نظر معينة في مواقف سياسية، كان لها علاقة بالمفاوضات الأخيرة التي رعتها واشنطن، وكذلك في ملف تحديد العلاقة مع إسرائيل، وفق قرارات منظمة التحرير والمجلس المركزي، وهو ما جعل الملف هذا ينقل بكامله للجهات الأمنية لمعرفة الخلل والسبب في وصول هذه المعلومات إلى الأطراف الأوروبية والإدارة الأمريكية عن طريق إسرائيل، وهو ما قاد في النهاية للوصول لهذا الشخص."

هذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، في جهود إسرائيل لزرع عملائها في قمة الهرم القيادي للسلطة، بحيث يمكن القول بأن السلطة وملفاتها مكشوفة تماما أمام أجهزة أمن الاحتلال، وجميعنا يذكر العميل كوهين الذي كان يحضر اجتماعات الجامعة العربية، وهذا يجعل عبارة ( ما خفي أعظم) في مكانها المناسب، لذا لا قيمة لجهود عريقات والسلطة في تخفيف وقع الكارثة على المواطنيين، فسرية الاعتقال وإخفائه وتخفيف الصدمة علامات كافية جدا على عظم الكارثة، وخطورة الجريمة. وهنا أراني مضطرا لاستعادة مقولة ( صلاح خلف أبو إياد) حين توقع أن تصبح العمالة والتخابر مع العدو وجهة نظر؟! بينما يقول الخبراء في اتفاقية أوسلو وتوابعها: إن السلطة لا تستطيع تجريم العميل، ومحاكمته، لأنه يتمتع بحصانة بحسب الاتفاقية ، واقصى ما يمكن للسلطة أن تفعله هو تسليمه لدولة العدو؟!