20.18°القدس
19.81°رام الله
18.3°الخليل
25.09°غزة
20.18° القدس
رام الله19.81°
الخليل18.3°
غزة25.09°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

مركز بيرس والحصاد

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

قبل أيام قليلة استمعت لمحاضرة لمدير مركز بيرس للسلام على وسائل الإعلام الجديد يتحدث فيها عن الحصاد الذي جمعته دولة العدو في عام ٢٠١٥م، وبشكل أوسع ومحدد بعد عام الربيع العربي ٢٠١١م، وكانت خلاصة ما جمعه قوله: إننا -يقصد دولة العدو- نجحنا في تفتيت الجيوش العربية الكبيرة التي كان ينظر إليها كتهديد محتمل على الدولة. وهنا ذكر الجيش العراقي، والسوري. وقد تحققت لنا سيطرة جيدة على الجيش المصري، ولم يعد هناك خطر على (إسرائيل) من هذه الجيوش لمدة أربعين عامًا قادمة على الأقل؟! ليس هذا فحسب بل نحن نرى أن جلّ البلاد العربية دخلت في صراعات داخلية ممتدة لسنوات غير معلومة، نجد ذلك (في العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا) إضافة إلى تفجر الصراع (الشيعي السني) في المنطقة، وأخذ الخليج في نسيان الفلسطينيين، والتوجه نحو إيران وتهديداتها. ثم قال مدير المركز: هذا كله في صالحنا، وهو مريح لنا، ومن ثم لا خطر على الدولة من اجتماع جيوش العرب كما كان في حرب أكتوبر؛ لأن الجيوش نفسها لم تعد موجودة؟!. انتهى الاقتباس.

كان هذا بعض ما قاله مدير المركز، وأحسب أنه مصيب بشكل كبير في تفصيل هذا الحصاد، ولكن هذا النجاح لدولة العدو لم تحققه دولته من ذات نفسها وبقوتها الذاتية، ويقظة قادتها وأجهزتها الأمنية فحسب، بل حققته بمساعدة أميركا وأوروبا من ناحية، وبمساعدة استبداد النظام العربي، والجهل الذي احتل العقل العربي الحاكم من ناحية، والجيوش العربية من ناحية أخرى. 

من الذي فتت جيش العراق؟! ومن الذي زرع الحرب الطائفية في العراق؟! ومن الذي سلّط السيطرة الشيعية على العراق؟! ولماذا هزم الجيش العراقي أمام قوات داعش؟! ما جرى في العراق كان نتاجًا مباشرًا للعوامل الثلاثة التي ذكرتها وهي: (إسرائيل، والقوى الاستعمارية، وجهل الجيش واستبداد الحاكم). وهذه العناصر الثلاثة هي التي مزقت سوريا، ودمرت مبانيها، وفتتت جيشها العربي، وهجرت الملايين من مواطنيها، واستدعت التدخلات الخارجية لبلد كان مستقرًا. 

مصر في نظر مدير مركز بيرس ربما تقف على حافة الخطر نفسه، وهذا هو مفهوم سيطرة دولة العدو على الجيش المصري، فمصر تحت تهديد العوامل الثلاثة آنفة الذكر، وتفتيت الجيش وتدمير قدراته يبقى هدفًا مفضلًا عند دولة العدو، يتفوق على مفهوم السيطرة، لأن السيطرة مؤقتة، والتدمير دائم المنفعة. دولة العدو تعلم أن جيش مصر لا يهدد كيان دولته الآن، وهو أشد عداوة للفلسطينيين الآن من الإسرائيليين، ولكن المستقبل غير مضمون، ونزع عناصر قوته كما نزعت عناصر قوة الجيش السوري يبقى هدفًا مفضلًا. ولا داعي هنا للحديث عن حصاد دولة العدو في الملف اليمني، والملف الليبي، وملفات الخليج، لضيق المساحة، فمخرجات ما خرج من العراق وسوريا يجدر أن يكرر في هذه البلاد. 

وحسبي ألمًا أن النار اليهودية التي ذُكِرت تشتعل في العواصم العربية من المحيط إلى الخليج، ولا أمل لنا كفلسطينيين في المرحلة الراهنة إلا في أنفسنا، وفي تطوير مقاومة شعبنا، وتطهير بلادنا من العملاء، وممن رهنوا مصيرهم بالتنسيق مع العدو. ولا حلّ للشعوب العربية للخلاص من الطائفية والمذهبية والحروب الداخلية إلا من خلال التخلص أولًا من النار اليهودية. إنه بغير التخلص من نار يهود ومن الاستبداد ومن جهل الجيش العربي والنظام العربي، لن تستقر حياة مجتمعاتنا العربية. وعندها فقط لن يجد مدير مركز بيرس حصادًا يفتخر به.