أصدر قاض عشائري في الأردن حكما على شاب تحرش لفظيا بفتاة في الشارع العام بمدينة العقبة جنوب المملكة، يقضي بقطع لسانه أمام جمع كبير من أبناء العشائر من محافظات الجنوب، لكن قرار الحكم استبدل بـ40 ألف دينار (حوالي 56 الف دولار) دفعتها عائلة الشاب.
وبحسب "ميدل ايست اونلاين" كانت عشيرتان من الجنوب اختصمتا عند القاضي العشائري في العقبة ، بعد أن كان الخلاف بينهما تطور إلى استخدام السلاح، حيث تم الاتفاق على الحل العشائري الذي انتهى بقرار يقضي بقطع لسان الشاب ومصادرة مركبته.
لكن وحسب أعراف وتقاليد متبعة في القضاء العشائري الأردني في حالات مثل هذه، تم إتاحة استبدال تنفيذ الحكم بدفع مبلغ 40 ألف دينار ومركبة الشاب.
يعتبر القضاء العشائري في الأردن من أشهر العادات القديمة المتوارثة حتى الآن ولا يزال هذا النظام معمولا به في وقتنا الحالي وهو قانون غير مخطوط ، ويُعرف القضاء العشائري بأنه مجموعه من القوانين والأعراف البدوية المتداولة والمتعارف عليها حيث أصبح الناس يتعاملون بها حتى ثبتت وأصبحت دستوراً في حل الكثير من القضايا والنزاعات بين فئات الشعب الأردني ويتم تطبيق نظامه وأحكامه وتعاليمه التي يعرفها الجميع.
وقد طالب الكثير من الناشطين الحقوقيين بوقف العمل بهذا القضاء، والاحتكام إلى قانون الدولة فقط، لأن بعض الأحكام التي تخص قضايا كثيرة يحكم فيها القضاء العشائري تأتي مجحفة وغير مبنية على قوانين متزنة وتعم فيها أحيانا النزعات الخاصة وتميل أحيانا إلى أعراف خاصة بعشيرة معينة دون أخرى، وطالب الكثيرون أيضا بسيادة قضاء الدولة إذ لا يجوز أن تكون هناك سلطتان قضائيتان في بلد واحد، فالقضاء العشائري يهمش دور قضاء الدولة ويهمش القوانين المعمول بها في حدود الجرائم بشتى أنواعها ومسمياتها، حسب ما يعتقد مطالبو إلغاء القانون العشائري في المملكة.
وعلى الرغم من هذا فما يزال للقضاء العشائري سلطته القوية وأحكامه الخاصة خاصة بين عشائر جنوب المملكة والبوادي وعشائر البدو التي تقطن مناطق واسعة في شرقي الأردن وجنوبها.
وتعد قضية التحرش الجنسي ظاهرة اجتماعية ونفسية في بلدان عدة لكنها لم تشكل ظاهرة لافتة أو مقلقة في الأردن قبل الخمس سنوات الأخيرة إذ ارتفعت حالات التحرش بسبب خروج المرأة الأردنية إلى العمل بشكل كبير وانخراط الفتيات في التعليم، وازدياد نسبة الوافدين إلى الأردن، وهناك محاولات كثيرة من ناشطين وناشطات ومهتمين لإيجاد إطار تشريعي يعالج قضية التحرش قبل تفاقمها وتسببها في مشاكل عنف كبيرة في مجتمع عشائري ومحافظ.
وقد أخذت هذه القضية ابعادا واسعة في الرأي العام الأردني خلال عام 2015، كان أبرزها حالة جرت في إربد شمال المملكة ، كانت ضحيته طالبتان جامعيتان، ما دفع الى إعلان الحكومة ووزارة العدل حينها عن توجه لتعديل قانون العقوبات، وتشديد العقوبات بحق مرتكبي فعل التحرش.
وأعلن وقتها أن من ضمن العقوبات لمن يضبط بفعل التحرش، وثبتت بحقه الجريمة، نشر صورته في الصحف، كأسلوب رادع له ولغيره.
وأعلن أيضا على إثر هذه الحالة التي استحوذت على اهتمام الرأي العام الاردني أن اللجنة القانونية، المكلفة بمراجعة قانون العقوبات، في هذا الاتجاه تعكف على اعداد تعديلات بنصوص في القانون، تمهيداً لاحالته، بعد الانتهاء منه، الى مجلس الوزراء، للسير باجراءات اقراره دستوريا.