20.8°القدس
20.54°رام الله
19.42°الخليل
25.68°غزة
20.8° القدس
رام الله20.54°
الخليل19.42°
غزة25.68°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

وأعدوا لهم

ايات الهوواشة
ايات الهوواشة
إبراهيم الدعمة

مسيرة حياة المرء الكَيِّس لا تكون عبثاً، فالله تبارك وتعالى خلق الكون بقَدَر، وأَمَر الإنسان أن يحدد هدفه فيها حتى يسير على هدي من أمره «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا»، وبناءً عليه يفعل الأفعال التي توصله لما قام باختياره لقابل أيّامه، ويُعدّ لكل أمر عُدَّتَه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويُوَطِّن نفسه على تحمل اللأواء والابتلاء في سبيل ذلك «يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور».

ولكل هدف في الحياة متطلبات، وكلما كان الهدف غاليا احتاج إلى ثمن أغلى، ومن كان هدفه الفردوس الأعلى من الجنة كما أرشدنا إلى ذلك النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لا بد أن يسترخص كل شيء في سبيلها، فسلعة الله تبارك وتعالى غالية، وموضع السوط فيها خيرٌ من الدنيا وما عليها، وسنة الله تبارك وتعالى في الحياة الابتلاء، ومن هذا الابتلاء الجهاد «أم حسبتم أن تُتْرَكوا ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين»، والجهاد دروبه كثيرة، وهذا ما أيقن به أبطال غزة الكرامة والعزة فكان ما كان.

والحقيقة أن ما فاجأنا به مجاهدونا في مواجهاتهم مع العدو فاق التوقعات، ولا غرابة في ذلك، فمن يَكُن رضا الله تبارك وتعالى غايته، والشهادة أسمى أمانيه لا تحُدُّه حدود، ولا تقف أمامه سدود، حتى لو اضطر أن يحفر الصخر بأظافره، لينتزع الفجر من بين ظلام الليل المدلهم، وهذا بفضل الله ما كان.

وهذه الأيادي التي أبْدَعَت وضَحَّت تحتاج منّ كل حر شريف أن يستلهم من أفعالها العِبَر، فيُفَرِّق بين السراب والدُرَر، ويوقن حق اليقين، بل عين اليقين بأن الخير آت، وأن التضحيات مهما غلت فما هي إلا دماء بدأت تسري في شرايين الأمة لتحييها بإذن الله تبارك وتعالى، ولن يوقفها خذلان قريب وصديق، ولا مكر عدو، ولا طغيان طاغية، ولا تنظير مُنَظِّر، ولا انحلال مُحَلِّل ومتحلل.

سلمت أياديكم أيها الفتية الذين شرَّفتم أمتكم بأفعالكم، وأثبتم للقاصي والداني أن أمتنا تختزن في داخلها مكامن خَيْرٍ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فإذا كان هذا بلاءكم، وقد تكالبت عليكم أمم الشرق والغرب، فكيف سيكون صنيعكم لو وَضَعَت أمتكم بين أيديكم إمكانياتها التي تبددها غالبيتها بلا طائل، وكيف بكم لو كانت جيوش أمتكم تتربى على نفس المنهج الذي تربيتم عليه،، تعتز بماضيها، وتعمل لحاضرها ومستقبلها.

وقد زادكم ربنا تبارك وتعالى خيراً على خير أَنْ كان هذا الإعداد مستمراً لا يتوقف، وجعل أعداءكم في حيرة من أمرهم، لا يستطيعون توقع ما ينتظرهم منكم، حتى جعلتم مستوطنيهم يعيشون الهوس والرعب والخوف من كل نسمة ريح، أو حفيف أوراق شجرة أو نبتة مما حولهم، فامضوا على بركة الله، فطعم الموت في أَمْر عظيم كطعمه في أمر حقير، وما دام أنَّه لا بد منه فمن العار أن يموت المرء جباناً، ولا تلتفتوا إلى المرجفين والمُخَذّلين والمتآمرين، فجُلُّهم يرجو السلامة، ولم يستشعر يوماً طعم العزة والكرامة، فمن كان يريد العزة فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، رحم الله شهداءكم بإذنه تبارك وتعالى، ولا نامت أعين الجبناء.