22.21°القدس
21.96°رام الله
21.08°الخليل
26.03°غزة
22.21° القدس
رام الله21.96°
الخليل21.08°
غزة26.03°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

"بدي أمي".. قصة طفلة أسيرة

خالد معالي
خالد معالي
خالد معالي

الكتابة عن الأسرى توجع القلب؛ فكيف يكون الحال عند الكتابة عن طفلة صغيرة تبكي أمّها وصديقاتها الطفلات في مدرستها, حرمها الاحتلال من حضن أمها الدافئ؛ وحضن مدرستها واللعب مع زميلاتها.

خلال كتابة هذه السطور تبكي الطفلة الأسيرة كريمان أكرم محمد إسحاق سويدان (14 عامًا)، من سكان بلدة عزون قضاء قلقيلية؛ والتي تقبع في سجن الشارون للنساء، وتصرخ بألم: "بدي أمي.. بدي أروّح".

الجريمة التي ارتكبتها الطفلة الأسيرة كريمان هي أنها أحبت وعشقت وطنها؛ فذهبت لمدرستها وخلال إيابها إلى منزلها كالعادة اعترضها مستوطن مستجلب من الخارج؛ وشتمها: "يلعن أبوك"؛ فما كان منها إلا أن ردت الشتيمة؛ فكان جزاؤها الضرب والصفع وطرحها أرضًا ووضع سكين بجانبها؛ ومن ثم الاعتقال والشبح والتفتيش العاري ووضعها في سجن وسط العذاب والمعاناة المتواصلة حتى الساعة.

تقول كريمان: "كنت عائدة من المدرسة؛ وإذ بمستوطن هجم عليّ وطرحني أرضًا، ووضع بجانبي سكينًا وأخذ بالصراخ، وجاء الجنود وضربوني ودعسوا على ظهري ووجهي على الأرض, (وبعدها سبّ المستوطن على أبوي وقال لي يلعن أبوك، مقدرتش أستحمل وقلتله يلعن أبوك أنت، وقلت للجنود ما اعملت شيء)؛ هو من وضع السكين, فلم يصدقوني واعتقلوني".

أين دعاة حقوق الإنسان والطفولة والمرأة من طفلة وليست امرأة؟ كلهم خرسوا وصمتوا صمت القبور؛ حيث جللهم الخزي والعار وبانت عورتهم وخبث مكائدهم وأهدافهم؛ وأين الغرب وأمريكا الذين أصمّوا آذاننا حول حقوق الطفل والمرأة، ولكنهم يخرسون ويصمتون ولا نسمع لهم قولًا؛ عندما تعتقل وتعذب فتيات وطفلات ونساء فلسطين المحتلة.

هل توجد في الدنيا خسة ونذالة كهذه التي لدى دولة الاحتلال؟! قهر ما بعده قهر؛ أليست مفارقة عجيبة أن يلتف جنود مدججون بالأسلحة الفتاكة والقوية، حول طفلة قاصِرة ضعيفة عاجزة، لا تملك من أمرها شيئًا، ولا ترى من حولها، ومقيدة اليدين والقدمين؟!

المشاعر الإنسانية المرهفة والنبيلة وعلى طبيعتها تتوجع لحكاية ألم طفل أيًا كان؛ ووجع ومأساة الطفلة الأسيرة كريمان ليس لهما مثيل؛ والإنسان الذي يقول عن نفسه إنه حر وشريف؛ ولا يتحرك؛ ولا تؤثر فيه قصة وصورة طفلة أسيرة وهي مكبلة من يديها وقدميها؛ ومعتقلة في قفص؛ يكون قد تجرد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية النبيلة.

صورة الأسيرة الطفلة وهي تدخل محكمة الاحتلال مكبلة بالأصفاد، وتبكي أمها وحريتها, كفيلة لوحدها بأن تشن الحروب لأجلها؛ فالمعتصم تحرك ليس لطفلة؛ بل لامرأة واحدة وحررها من أسرها.

لو أن طفلة من دولة الاحتلال كُبلت يداها وقدماها وهي لم تبلغ من العمر 14 عامًا ولأي سبب كان؛ عندها تتحرك كل مؤسسات حقوق الإنسان وجمعيات الطفولة؛ ولقامت قيامة دول الغرب قبل دولة الاحتلال، ولضجت أمريكا؛ ولصارت صورها تملأ الدنيا صخبًا وضجيجًا؛ ولاتُّهم العرب والفلسطينيون, ولبكى العالم عليها.

أنت يا كريمان الطفلة الأسيرة؛ وجع في قلب كل حر وغيور في هذا العالم، ونخزة ضمير لكل حر وأبيّ في الوطن المأسور والمقهور؛ وتعسًا لـ12 مليون فلسطيني؛ و300 مليون عربي؛ ولأمة المليار ونصف المليار مسلم؛ وهي ترى صورتك أو تسمع قصتك، ولا تحرك ساكنًا، لأجل إنقاذك وإخراجك من الأسر وجميع الأسيرات والأسرى.

قريبًا بحول الله؛ سيحررك الأبطال يا كريمان؛ وعندما تخرجين؛ لا تترددي في البصق بوجه كل مهزوم جبان، ولعن وفضح كل من لم يقف معك في محنتك، ولم يشارك ولو بكلمة ويطالب بالإفراج عنك وعن بقية الأسيرات والأسرى الأبطال.