في الجانب الأيمن للثلث الأخير من طريق باب السلسلة الواصل للمسجد الأقصى تتربع المدرسة التنكزية وهي ارث تاريخي مملوكي الاصل يطل الطابق الثالث منها على ساحات المسجد المبارك من جهة وعلى حائط البراق وبلدة سلوان من جهة أخرى.
منذ احتلاله للقدس سعى الكيان الاسرائيلي على السيطرة على هذه المدرسة لإطلالتها الواسعة وموقعها الاستراتيجي، فأصدر ما يسمى وزير الدفاع الاسرائيلي في عام 1968م قراراً يقضي بالسيطرة على التنكرية وتحويلها من مدرسة للعلوم الشرعية لمركز ومقر لقوات حرس الحدود.
التنكزية من مدرسة لمحكمة شرعية .. لكنيس ومكب نفايات !
يصف رئيس اكاديمية الاقصى للعلوم التراث ناجح بكيرات المدرسة التنكزية بانها كانت الحاضنة لعلماء المسلمين من جميع انحاء العالم حيث بقيت منذ بنائها على يد الامير المملوكي سيف الدين تنكز حتى العهد العثماني تدرس العلوم الشرعية والقرآنية وخرجت العديد من المشايخ والعلماء، إلا انها تحولت في العهد العثماني الى محكمة شرعية تتم فيها العقود والسجلات الشرعية وكانت تضم سكناُ للقضاة العاملين فيها، وبعد ذلك اصبحت ديوانا ومقرا لمفتي القدس العام الحاج امين الحسيني .
ويضيف بكيرات " في نهاية عام 1967 اصدر موشيه ديان – وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك – قراراُ يقضي بمصادرة التنكزية ومنع العلم فيها، وبعد ذلك بأفل من عام فوجئنا بتحويلها لمركز تابع لحرس الحدود الاسرائيلي ".
ويبين بكيرات أن المدرسة التنكزية تتكون من ثلاث طوابق وتحوي مسجداً صغيرة وعدد من الخلوات ، الا انه في منتصف العام 2006 حول الاحتلال المسجد الصغير لكنيس يقيم به ضباط الاحتلال والجنود صلاوتهم التلمودية فيما حولت الخلوات الى غرف للأسلحة وبعضها حول لمكب نفايات ، اضافة الى استخدام جزء من المدرسة كمعرض للأسلحة التي استخدمت ضد الفلسطينيين في النكبة والنكسة ، لفت بكيرات الى ان الاحتلال نصب عدد من كاميرات المراقبة الموجهة لساحات الاقصى من على سطح المدرسة ، كانت تستخدم قوات القناصة السطح لقنص الشبان خلال المواجهات في باحات الاقصى .
التنكزية في مخطط "القدس أولاً" وكنيس جوهر القدس
لم يكتف الاحتلال بهذا الحد من التهويد والعبث بمعالم الصرح العلمي المملوكي، بل زاد على ذلك كله التخطيط لإقامة اكبر كنيس يهودي في العالم فوق سطح المدرسة التنكزية وهذا ما كُشف عنه في عام 2007 من خلال المخطط التهويدي المعروف باسم "قيدم يورشلايم – القدس أولاً" .
وبدوره قال الباحث والمختص في شؤون القدس جمال عمرو ان اقامة كنيس جوهر القدس فوق المدرسة التنكزية هي الخطة القادمة لسطلات الاحتلال فوق هذه المدرسة، لافتاً الى ان الاحتلال بدأ بالترويج لهذه الفكرة منذ انشائه كنيس الخراب على انقاص حي الشرف والمتعارف عليه اليوم خطأ باسم الحي اليهودي.
وأضاف عمرو ان المدرسة التنكزية تشكل موقع استراتيجيا بالنسبة للمسجد الاقصى مما يجعلها محطة رئيسية يرتكز عليها الاحتلال للوصول الى مبتغاه بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى لبناء هيكلهم المزعوم ، وبالتالي منذ احتلال القدس بدأت السلطات الاسرائيلية بالتفكير بشكل جدي بالمدرسة التنكزية واصدار القرارات المتعلقة بها .
وبين عمرو ان متحف "قافلة الاجيال" الذي اقيم في 7 غرف داخل التنكزية يعرض فيه التاريخ المزيف لمدينة القدس بحسب وجهة النظر الاسرائيلية الصهيونية هو خير دليل على المخططات القادمة تجاه هذا الصرح العلمي ، "يستقبل الزوار داخل المتحف مجموعة من شرطة الاحتلال والتي هي بنظر الزائر توفر الامن لينتقل بعد ذلك للمتحف الزيف ومنه للكنيس الصغير حيث يصلي من يريد الصلاة وبعد ذلك يكون كنيس "جوهرة القدس" قد اقيم فوق سطح المدرسة ليلقي الزائر منه نظرة على مكان الهيكل المزعوم ، حتى يحين موعد بنائه " هكذا رسم عمرو مخطط الاحتلال داخل الكنيسة بحسب رؤيته .
وحذر عمرو من نية الاحتلال يحاول الاستيلاء على جزء من باحات الأقصى ضمن مخطط تحويل التنكزية إلى أكبر كنيس في العالم، وهو ما ينذر بخطر حقيقي على الأقصى من قبل الاحتلال ومنظمات الهيكل.