تأملت في يوم ماطر حبات المطر تضرب نافذتي وكنت أراها متماثلة حاولت الاقتراب أكثر ودققت في كل حبة فوجدتها مختلفة تماما فسبحان الخالق, ونحن البشر خلقنا الله ومن إعجاز خلقه أنه لم يخلق بشرا كالآخر ولو تشابهت بعض الصفات. وأنت يا من تبحث عن التفرد والتميز كن عل يقين أنك شخصية فريدة مميزة ليس على وجه الأرض شخصا أخر مثلك, عندما تدرك ذلك تستشعر ما وهبك الله به من مواهب وملكات وبالتالي تبحث في أعماق نفسك عن عملاق نائم وتحاول إيقاظه. إن من أحد الأوهام التي ظهرت بين الناس وخصوصا في الفترة الراهنة أن الناس يريدون أن يكونوا أشخاص آخرين، لربما مشاهير أو أغنياء أو حتى علماء, فيبدأ الواحد منهم بتبني أهواء ورغبات ومعتقدات الغير، وعندها يصطدم بأنه أصبح شخصية مهزوزة لا قيمة لها فيسخط على الحياة لأنه أراد أن يعيش في لباس إنسان أخر فلم يكن على مقاسه, ويشعر بالعجز والنقص فهو يرى نفسه مكانهم وإلا فلا نجاح ولا حياة سعيدة. ارسم صورة لنفسك في خيالك وابدأ بتلوين تفاصيلها بألوان من عرقك وجهدك تخيل وأبدع فكما قال توماس أديسون ( الإبداع هو 2% خيال و98% عمل وجهد). اقرأ أكثر عن سير المبدعين والقادة لا لتكون نسخة عنهم ولكن لتمشي على خطاهم تفكر في أحوالهم وسترى كيف بنى كل واحد منهم اسمه وسطره في صفحات التاريخ، ثم شد الرحال وابدأ رحلتك الخالدة في البحث عن التفرد المزروع داخل نفسك. تأمل في أحوال صحابة الرسول فهم خير مثال على التميز، لم يكن حول رسولنا الحبيب نسخ متطابقة بل كانوا كالدر والياقوت والمرجان فأبو بكر تفرد بإيمان وقر في نفسه، وعمر بن الخطاب كان يفر منه الشيطان لهيبته، وعثمان كريم سخي حيي، أما علي ففارس الإسلام شاعر حكيم. ومما أريد الإشارة إليه أننا مأمورون بالتفكر والبحث عن أنفسنا، فلقد ميزنا الله بالعقل وأمرنا بالتفكر في حالنا ومغزى وجودنا، قال تعالى ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) "الجاثية 13". وهل معنى التفكر والتدبر أن نشل خلايا عقولنا لنعيش كالأنعام فهي كلها متشابهة … لا وألف لا لم نخلق لهذا ولكن الشخص الخامل الذي هو زائد عن الدنيا يرى أنه من أصعب الأمور لديه أن يفكر وصدق أديسون عندما قال ( أصعب شيء على الإنسان أن تقول له فكر). فكر وأبدع وابحث واصبر بدون ملل فالإبداع ليس شربة ماء بارد بل هو غصة وأنين وسهر لليالي لا يناله إلا القليل ولتكن أنت من القليل.