21.12°القدس
20.88°رام الله
19.97°الخليل
26.18°غزة
21.12° القدس
رام الله20.88°
الخليل19.97°
غزة26.18°
الثلاثاء 19 اغسطس 2025
4.58جنيه إسترليني
4.77دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.96يورو
3.38دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني4.77
جنيه مصري0.07
يورو3.96
دولار أمريكي3.38

الطفلة نورهان .. عمر جديد كتبه الله لها تقضيه في السجون‎

نورهان
نورهان
غزة - فلسطين الآن

 لا تقتلوا هديل.. لا تنزعوا حجابي”.. تصرخ نورهان مجددا بعد منتصف الليل؛ ثم تنهض من نومها فزعة باحثة عن حضن أم يلمها، أو عن يد شقيقة تطبطب عليها وتناولها كأس ماء؛ إلا أنها لا تجد سوى زنزانة موصدة، وأسيرة تشق الظلام للوصول إليها والتخفيف من روعها.

صباح 23/تشرين ثاني 2015، خرجت "نورهان عواد" بزيها المدرسي من منزلها في مخيم قلنديا، وقد أعلمت والدتها أنها وبعد انتهاء الدوام ستذهب إلى السوق مع صديقتها هديل عواد (14 عاما)، لتعدم الأخيرة وترتقي شهيدة على مرأى كاميرات المراقبة في شارع يافا وسط القدس، وتصاب نورهان بثلاث رصاصات أوقعتها أسيرة بيد الاحتلال.

قوات الاحتلال اتهمت الطفلتين بمحاولة تنفيذ عملية طعن استهدفت أحد المستوطنين، تروي والدة نورهان، أنها بعد ساعات من خروجها من المنزل، تلقت اتصالا من المدرسة يفيد بأن نورهان لم تحضر اليوم إلى صفها، ليصلها لاحقا خبر إصابة طفلتها ونقلها إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية.

في مستشفى “شعاري تصيدق” الإسرائيلي بقيت نورهان لأربعة أيام فقط أخضعها خلالها محققو الاحتلال للاستجواب وهي ما تزال على أجهزة الإنعاش، ليأخذوا هذيانها وهلوساتها ويعتمدوها كاعترافات قدمت فيما بعد لمحاكم الاحتلال التي بدورها ثبتتها ضدها.

تقول والدتها "أخضعوا نورهان لتحقيق وهي تحت أثر البنج، إلا أن قاضي الاحتلال اعتمد هذا التحقيق، وطعن بجلسات التحقيق التي أخضعت لها فيما بعد"، مؤكدة، أن طفلتها لم تخضع للرعاية الصحية اللازمة، وقد بقيت في المستشفى حتى أزيل خطر الموت عنها ثم نقلت إلى سجن "هشارون".

وتعمد الأطباء في المستشفى الإسرائيلي تجنب تقطيبها بطريقة دقيقة لا تترك آثارا، لتبقى بذلك ندوب إصابات ترافق نورهان طيلة حياتها، "داس المستوطن على يد نورهان خلال العملية، أدى لإصاباتها بجروح عميقة، قطبها الأطباء إثرها بستة قطب، فيما وضع 34 قطبة في بطنها وقدمها بعد استخراج الرصاصتين"، تقول والدتها، مشيرة إلى أن الرصاصة الثالثة استقرت في مكان حساس بالقرب من الكلية، حيث بات استخراجها يهدد ابنتها بالموت.

آلام وأوجاع كبيرة وصعوبة في المشي والتحرك عانت منه نورهان جراء إصاباتها، لتكتشف صدفة خلال محاولتها الإسراع في ساحة السجن، أنها لن تستطيع الركض بعد اليوم، "كنت أهون عليها وأخبرها أن هذه الاوجاع تزداد بسبب البرد، وربما تخف عندما ينتهي فصل الشتاء".. تقول أمها.

نورهان أطفأت شمعة عيد ميلادها السابع عشر في سجن "هشارون" دون أي من المراسم الاحتفالية التي اعتادت أسرتها إقامتها لأطفالها، تقول والدتها مفتخرة بابنتها، "نورهان من الطالبات المتفوقات في مدرسة الحياة، دائما تحصل على المراتب الأولى، وقد حصلت في امتحانات النصف الدراسي على معدل 94".

وتحاول نورهان التخفيف من خوف والدتها، وتروي لها أنها والأسيرات القاصرات يعشن بأمان برفقة الأسيرات الكبيرات بالسن، اللواتي يقدمن لهن الرعاية اللازمة ويقمن بتوجيههن، "رأيت في إحدى الزيارات الأسيرة لينا الجربوني، وقالت لي نورهان في عيون ما تقلقي، وأخبرتني أنها تعتني بنورهان وتعاملها كطفلتها".

وتضيف، أن وزن طفلتها انخفض أكثر من 10 كيلو غرامات بعد اعتقالها، وتقلص حجمها، "سألت الأسيرات إن كانت نورهان تأكل جيدا، فأخبروني أنها تأكل إلا أنها تبقى تفكر طوال الوقت وخاصة عند اقتراب جلسات المحكمة".

وتنقل الوالدة عن ابنتها أنها تعاني من ظروف قاسية جدا خلال نقلها إلى المحاكم، حيث باتت تطلب أن تعقد لها جلسات غيابية وهو ما رفضه قاضي المحكمة، وتبين، "يتم اخراج نورهان الساعة الثالثة فجرا وتنقل في البوسطة من سجن إلى آخر، ومن مسكوبية إلى أخرى، دون أن تتناول أي طعام، لتعود بعد يوم إلى حيث تعتقل".

مقيدة اليدين والقدمين تحضر الطفلة نورهان إلى المحكمة، تتعرض للدفع وتلقى عليها شتائم نابية من عناصر الاحتلال الذين لا ينادونها إلا بـ"المخربة" و"طفلة المقصات".

ورغم كل الظروف التي تعاني منها نورهان إلا أنها ترفض أن يتم تحويلها لأحد مراكز الإصلاح الإسرائيلية أو للحبس المنزلي، "تفاجأت من إصرارها على هذا الموقف، إلا أنها أخبرتني أن الاحتلال سيبقى يلاحقها إذا لم تقضِ الحكم الذي سيبت به قاضي المحكمة".

وتتوقع العائلة أن يصدر حكما نهائيا بقضية نورهان في أيار المقبل، وقد يتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات، إلا أن المدعي العام الإسرائيلي طالب بحكم يتراوح 5-7 سنوات، "لا يراعون أنها طفلة، ويعاملونها كباقي الأسرى الكبار، ويتهمونها بمحاولة الطعن لمرتين"، تقول والدتها.

وتتوسل نورهان لوالديها مطالبة برؤية أشقائها السبعة وخاصة مصطفى ويقين، فقلبها ما بات يحتمل كل هذا الاشتياق، إلا أن ظروف الزيارة المتعبة تحول دون إحضار أشقائها الذين يستذكرونها في كل لحظة، "ينكلون بنا خلال الزيارة، نخرج من المنزل الساعة الخامسة فجرا ونعود الساعة الثامنة مساء لنرى نورهان 45 دقيقة فقط".