25.55°القدس
25.16°رام الله
24.42°الخليل
27.11°غزة
25.55° القدس
رام الله25.16°
الخليل24.42°
غزة27.11°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

الرؤية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية

قلم
قلم
عادل ياسين

في ظل الحديث المتزايد عن مؤتمر السلام الذي اقترحته فرنسا وقُوبل بانتقادات إسرائيلية حتى قبل أن يبدأ, وفي ضوء استعداد رئيس السلطة الفلسطينية إلى العودة للمفاوضات دون شروط مسبقة، كما أعلن ذلك سام بن شطريت رئيس اتحاد اليهود المغاربة أخيرًا؛ كان لابد أن نعيد قراءة التاريخ ونقلب صفحاته لنتعرف إلى حقيقة مواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد مرور ثلاثة وعشرين عامًا من المفاوضات العلنية دون تحقيق إنجاز يُذكر، وقبل البدء بالحديث يجدر الإشارة إلى أن الرؤية الإسرائيلية كانت _ومازالت_ ترفض إقامة دولة فلسطينية، بل إن بعضهم أنكر وجود الشعب الفلسطيني أصلًا، بدءًا بجولدا مئير مرورًا بشمعون بيرس وليس انتهاءً بنتنياهو، وقد سعت تلك القيادة على مدار سنين طويلة إلى تطويع الفلسطينيين بشتى الطرق للتسليم والقبول بوجودهم، وحينما فشلت اضطرت إلى سلوك مسارات التفاوض للحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.   وقد تجلى ذلك بوضوح حينما وافق إسحق شامير على المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام مع تمسكه بفكرة "أرض (إسرائيل) الكبرى"، بعد فشله في القضاء على الانتفاضة الأولى، استجابة لضغوط الإدارة الأمريكية التي هددته بوقف تحويل 10 مليارات دولار، في الوقت الذي كان الكيان فيه بحاجة ماسة للدعم الأمريكي لكي يتمكن من استيعاب المهاجرين الروس، وإن مشاركته كانت مشروطة باقتصار المشاركة الفلسطينية على شخصيات فلسطينية من الداخل ضمن وفد أردني، وقد تباهي خلال أحد اللقاءات المتلفزة بأنه لم يقدم للفلسطينيين أي شيء خلال سبع سنوات، وأن مشاركته في مدريد كانت وسيلة هامة للحفاظ على وجود الكيان.   من شامير إلى رابين صاحب سياسة تكسير العظام، الذي رفض أي تفاوض مع المنظمة، وفضل المسار السوري على الفلسطيني، لكنه أدرك أهمية النتائج التي توصل إليها رون فونداك ويائير هيرشفلد خلال المفاوضات السرية مع ممثلين للمنظمة, إذ اعتقد بأنها بداية التنازل الفلسطيني، لاسيما أن المنظمة كانت تمر حينها بأزمة سياسية واقتصادية بسبب دعمها لصدام حسين, وإنه عدها فرصة لكبح جماح التنظيمات الإسلامية، وإنهاء الانتفاضة التي أنهكت الكيان سياسيًّا واقتصاديًّا، ومست بهيبة جيشه بعد أن ظهر جنوده أمام العالم وهم يلاحقون فتية صغارًا في أزقة المدن الفلسطينية.   أما شارون مجرم صبرا وشاتيلا، الذي قدم استقالته من حكومة شامير بسبب مشاركتها في مؤتمر مدريد؛ فقد رد على المبادرة العربية التي تضمنت اعتراف 22 دولة عربية بالكيان وحظيت بدعم 57 دولة إسلامية بعملية السور الواقي، وأعاد احتلال الضفة، وداس بدباباته ما تبقى من اتفاقية أوسلو, وتبنى سياسة "نعم ولكن" في تعامله مع خريطة الطريق الأمريكية إذ أعلن قبولها لكنه أبدى 14 تحفظًا عليها فقط.   لم يختلف إيهود باراك عن سابقيه، ولم يكتف برفض طلب تجميد الاستيطان خلال المفاوضات، بل زاد من وتيرتها وأصدر المزيد من عطاءات توسيعها، خصوصًا في شرقي القدس, وطالب السلطة بالتنازل عن 12% من الضفة وأجزاء من شمال غزة دون مقابل, بل إنه تفاخر مرارًا وتكرارًا بأنه لم يُعد للفلسطينيين أي أراضٍ خلافًا لغيره.   أما الحديث عن أولمرت الذي اشتُهر بخطاباته اليمينية المتطرفة ضد أوسلو فله طعم خاص، فهو تبنى سياسة الخداع والمكر، كما وصفتها زهافا جلؤون، إذ أظهر للعالم سعيه الجاد للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، وعَقَد العديد من الاجتماعات مع رئيس السلطة، وفي المقابل أوعز لوزير إسكانه زئيف بويم بالاستمرار في بناء المستوطنات ومنحه الصلاحيات والدعم اللازم, وسعى خلال مدة ترأسه إلى تعزيز السيطرة اليهودية على شرقي القدس، ومن الملاحظ أن وتيرة الاستيطان شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في المدة التي سبقت مؤتمر أنابوليس وما بعده، مع معارضة الفلسطينيين والأمريكيين والأوروبيين على حد سواء. ومع بدء عهد نتنياهو تكرر المشهد لكن بأسلوب مغاير إذ أعلن أول مرة أن الحل يجب أن يعتمد على فكرة حل الدولتين، لكنه اشترط اعتراف السلطة بالدولة اليهودية، وطالبها بفرض سيطرتها على غزة، ومع ذلك اعترف لمقربيه في اليوم التالي بأن هذا التصريح لم يكن إلا تماشيًا مع السياسة الأمريكية، وهو ما أكده حجاي آرتسي حينما قال: "إن تصريح نتنياهو لم يكن سوى مناورة سياسية".   هذه الحقائق تؤكد أن هدف الاحتلال من المفاوضات هو إدارة الصراع لا حله، وأن أقصى ما يُمكن أن يمنحه للفلسطينيين هو حكم ذاتي هزيل لإدارة شئونهم المدنية، وإبقاء السيطرة الأمنية والتبعية الاقتصادية بيده، وهو ما يفرض على القيادة الفلسطينية أن تعيد النظر وتقرأ التاريخ، لتستخلص العبر وتدرك أن الحل الوحيد لانتزاع حقوقنا وإقامة دولة فلسطينية هو توحيد الصف ومزاوجة العمل السياسي بالعمل العسكري على قاعدة: "من أراد السلام يجب أن يستعد إلى الحرب".